في زحام الاحداث التي نمر بها في حياتنا والانغماس اللارادي في شئون شخصية و شئون عامة نهتم بها كلُ في بلاده نتناسي اننا امة واحدة كبيرة تمتد شرقا وغربا وننسي او نتناسي وهي الاصدق تعبيرا ما يحدث لاخوة لنا في الانسانية وفي الدين في اقصي جنوب شرق اسيا وبالتحديد في غرب بورما. هذه الدولة الغبية التي تعاملت مع المسلمين في مقاطعة روهينغا التي تقع في الغرب من بورما اسوأ معاملة قد يلاقيها بشر من اي جنس واي نوع.
كنا نتابع الاحداث في بورما طوال العام الماضي، وكانت احداث مؤسفة حيث راح ضحيتها حوالي مائتي شهيد مسلم لا ذنب لهم سوي انهم يدينون لله بالاسلام و يؤمنون ان محمد رسول الله صلي الله عليه وسلم. اناس مسالمون يعيشون في فقر مدقع ولا يشكون الحال الا لله السميع المجيب. اندلعت مواجهات دامية بين البوذيين وبينهم وكانت هذه المواجهات لها ابعاد عنصرية وطائفية بالاساس، وكان المحرك الاساسي لها هو الزيادة الملحوظة في مواليد المسلمين الموجودين في اقليم الروهينغا بالمقارنة مع تعداد مواليد البوذيين في باقي مقاطعات بورما. فاشتغل البوذيون غضبا واشعلوا النيران في بيوت المسلمين مما تسبب في تهجير اكثر من عشرة الاف من المسلمين من قراهم ومساكنهم واضطروا ان يعيشوا في معسكرات مؤقتة بائسة دون اي معونة او مساعدة.
وامعانا في التعامل بمزيد من العنصرية والتمييز تشكلت لجنة في اقليم راخين الذي يغلب عليه البوذيين وقررت هذه اللجنة منذ اسابيع ان تطبق قانون يقضي بالزام المسلمين بتنظيم وتحديد عدد الاطفال في كل اسرة بطفلين فقط، واعتبار اي طفل ثالث طفل غير شرعي، ويطبق هذا القرار بغرض الحد من الزيادة المضطردة في اعداد المسلمين في الاقاليم المختلفة في بورما. وقد شرعت السلطات هناك بتطبيق هذا القرار في بلدة ماونغ داو ويو ثي داونغ ولكن ليس واضحا الكيفية التي يتم بها تطبيق القرار علي السكان المسلمين.
وقد عارضت اونغ ساو سو وهي زعيمة المعارضة في بورما هذا القرار الذي اجمع عليه المسؤولين الحكوميين في اقليم راخين والذي يتم تطبيقه علي مسلمي الروهينغا واكدت زعيمة المعارضة علي ان هذه السياسة عرقية وعنصرية مقيتة لا تليق ببورما ولا بأي دولة تحترم حقوق الانسان. وقد تعرضت اونغ ساو سو للانتقادات العنيفة عندما لم تعارض بشكل واضح احداث العنف الطائفي المقيتة التي دارت رحاها العام الماضي.
بموجب هذا القرار المتخلف من المفترض ان لا يسمح للرجل من اقليم الروهينغا المسلمين ان يتزوج بأكثر من زوجة وهذا يخالف ما اتاحته شريعته الاسلامية ويخالف ميثاق حقوق الانسان العالمي المعروف بميثاق جنيف. كما لا يسمح القانون للرجل وزوجته الا بانجاب طفلين فقط واي طفل اضافي ستعتبره السلطة طفل غير شرعي وهذا يسقط عنه كل الحقوق الطبيعية المفروض توفيرها لكل انسان. هذا القرار يصفه مسئولوا منظمة هيومان رايتس ووتش لحقوق الانسان بانه شنيع ومرعب وقد اتهمت المنظمة السلطات في بورما بممارسة العنصرية والتطهير العرقي في الصيف الماضي بعد احداث العنف والقتل التي راح ضحيتها مائتي مسلم ونزوح اكثر من مائة وخمسون الف من المسلمين عن بيوتهم واوطانهم. والمفزع ان تعرف ان السلطات في بورما اصلا لا تتعامل ولا تعترف بمسلمي الروهينغا كمواطنين ينتمون للارض البورمية لكن تعتبرهم بنغال ينتمون لبنغلاديش ويعيشون علي حوافها الغربية فقط. ومن المعروف ان تعداد مسلمي الروهينغا طبقا لاخر الاحصائيات الرسمية للامم المتحدة 800 الف نسمة. وتعتبرهم الامم المتحدة اكثر الاقليات في العالم تعرضا للاضطهاد والظلم.
قبل ان تندلع احداث العنف في بورما العام الماضي كنت اظن ان العنف الذي ينتمي في الاصل الي عنف ديني اي عنف سببه الدفاع عن عقيدة دينية او العنف تحت راية او شعار ديني او عنصري شئ ظهر مع الديانات السماوية ولم يكن موجود في اهل الديانات الوثنية القديمة. لكن العنف بعد هذه الاحداث طابع بشري مقيت موجود ولا ينتظر الا الشعلة التي تدفع بأمواج الشر ان تخرج عن النفس لتحرق كل المعاني الجميلة التي تجمع الناس، وتجعل بعض الناس تقاتل بعض الناس ويكرر الناس فعل ابني ادم وكأنهم نسوا التوبة والندم.
View the Original article
0 comments:
Post a Comment