إن أردت حقا فهم الناس من حولك فالضرورة تحتم عليك أن تستمع إليهم بكل صدق و أمانة ، فلا يكفي أن تستمع إليهم و في نفس اللحظة تجهز الرد على ما يقولون أو أن تحاول أن تدير دفة النقاش بينك و بينهم ، فهذا بعيد كل البعد عن فن الاستماع ،إذن إذا كانت لدينا حقا الرغبة في فهم الأخرين فيجب علينا أولا أن نصغي جيدا لما يقولون فهذا شرط أساس لنبني عليه وجهة نظرنا بشكل يسهل عليهم فهمها أي وجهة نظرنا و ذلك إن تحدثنا إليهم و نحن على دراية بما في أنفسهم . من خلال الأسطر القادمة سنحاول تقديم بعض النصائح و التعليمات قد تساعدك على تحسين مهارة الاستماع لديك :
استمع لكل كلمة بصدق و إخلاص لمن يتكلم إليك، فباستماعك إليه تفهمه بطريقة سليمة، و إياك و خداعه أو تحاول أن تلتقط منه عثرات و زلات بين كلماته، فقط استمع إليك و أنت كلك رغبة لفهمه.
لا تجهز الرد في نفسك اثناء الاستماع إليه ، و لا تستعجل في ردك عليه ، ما عليك هو أن تؤجل الرد لوهلة تجمع فيها أفكارك و تقوم بصياغتها بشكل لا يجرحه بأي شكل من الأشكال و بشكل جيد لكي لا يساء فهمك .
حين تتحدث لاحد ما اتجه بجسمك كله إليه ، فإن لم يكن فبوجهك و ليكن وجهك مبتسما ، فالمتحدث يتضايق و يحس بإهمالك له إن لم تنظر إليه أو تتجه له و أنت مبتسم الوجه .
بين للمتحدث إليك أنك تستمع إليه ، و إياك و التظاهر لذلك ، و إن فعلت ذلك فاعلم جيدا أن ستكتشف آجلا أو عاجلا ، و من بين الطرق التي يمكن الاستعانة بها لتبين له أنك مستمع إليه ، بأن تقول مثلا : نعم ،، أحسنت قولا ، أو أن تحرك رأسك قليلا نحو الأعلى ثم للأسفل إشارة منك على استيعابك لفكرته … المهم افعل شيئا ما يجعله أنك حقا تستمع إليه.
إياك و مقاطعته ، فقط استمع إليه إلى أن ينهي كلامه ، و لو كان حديثه لساعات ، و هذه مني كنصيحة مجربة و لطالما كان الاستماع الجيد سبب تخلصي من مشاكل عدة.
بعد أن ينهي المتكلم من كلامه، لخص ما قاله بقولك مثلا: أنت تقصد كذا و كذا… صحيح ؟ فإن أجاب بنعم فتحدث أنت و إن كان جوابه بلا فاطلب منه بلباقة التوضيح أكثر، فهذا أفضل من أن تستعجل في الرد فيحدث بينكما سوء تفاهم.
مهما فعلت لا تحاول تفسير كلام المتحدث من وجهة نظرك أنت، بل حاول أن ترى الأمور من وجهة نظره هو و من منظوره بعيدا عن منظورك أنت، و تأكد أن تطبيقك لهذه النصيحة ستفتح أبواب التفاهم السريع مع غيرك.
حاول أن توافق مع حالة المتحدث النفسية ، أي عامله على حسب حالته النفسية فمثلا إن كان غاضبا لا تحاول تهدئته بل استمع لما يقول بجدية و بكل هدوء ، و حين تواجه إنسانا حزينا اسأله عن سبب حزنه و استمع إليه و أشعره بأنك مهتم بسماعه لأنه في الأصل يريد الحديث لمن يستمع إليه .
حين يتحدث أحد ما عن مشكلة أو حين يعبر عن حزنه فإنه بذلك يعبر عن مشاعر داخلية يتوجب عليك أن تحترمها و تلخص كلامه على شكل مشاعر مقابلة يحس بها هو ، فمثلا عندما يتحدث الأخ الصغير لأخيه الأكبر و هما غارقان في المذاكرة المدرسية سويا ، فالأول يقول : لقد مللت من المدرسة و أريد اللعب ، ليرد عليه الأكبر : إذن أنت متضايق من المدرسة ، كما نرى جواب الأخر الأكبر خال من عبارات التوبيخ أو الاتهام بالكسل و التقصير ، ما فعله هو عكس شعور الأخر الأصغر لا غير ، بعد ذلك يسأله عما يضجره فعلا ليصلا سويا للحل .
أخيرا أقترح عليك خطوات حاول تطبيقها لأسبوع و بعدها أنظر للنتائج:
1. قم بوضع قطن في أذنيك و راقب أشخاصا يتحدثون و بالتحديد راقب انفعالاتهم التي قد لا تظهرها الكلمات وحدها.
2. كلما كنت في حوار مع أي شخص قم بمراقبة ذاتك و تصرفاتها ، اضبط نفسك حين تقييم أو تفسير رأي الشخص بشكل خاطئ ، و قدم له اعتذارك و لا مشكلة أن تطلب منه إعادة كلامه مرة أخرى ، جرب هذا و ترى مدى فعاليتها العجيبة على الطرف الأخر .
View the Original article
0 comments:
Post a Comment