وهم الخلافة

on Tuesday, April 16, 2013

عندما تقرأ في الكتب التي كتبها رواد الفكر السياسي الذي يحمل لواء الاسلام والذي اطلقت عليه دوائر الاعلام تيار الاسلام السياسي تجد فيها حديثا وترويجا لفكرة الخلافة الاسلامية وعودتها علي ايديهم من جديد . علي رأس هذه التيارات وكانت هي الام الاولي لهم والتي خرجت من عبائتها عدد من التيارات والحركات المختلفة جماعة الاخوان المسلمين وهو تنظيم دولي يتواجد في اكثر من 60 دولة ونشأت فكرته من عام 1930 م علي عكس مايعتقد البعض ان النشأة كانت في 1928م, وكانت البداية مع الامام حسن البنا صاحب الفكرة وكانت تنظيما وهابيا سنيا له علاقات وطيدة بالوهابية في السعودية.

 كان تيار الاخوان في بدايات النشأة علي وفاق مع الحكم الملكي في مصر ضد قوي الشعب والليبراليين الممثلين في حزب الوفد القديم وحركة النحاس باشا القيادي الليبرالي البارز في ذلك الوقت. خرجت من تنظيم الاخوان جبهة سميت بالتنظيم الخاص وهو يتشكل من عدد من الافراد مدربين علي القتال والقتل وقاموا بعمليات اغتيال وكان اشهرها اغتيال النقراشي باشا رئيس وزراء مصر في العهد الملكي قبل عام 1952 م ، واعترف الاخوان بهذه الجريمة بعد فترة من انكارها.

وتحالفوا مع عبد الناصر لفترة ثم انقلبوا عليه وانقلب عليهم وادخلهم السجون ، وتحالف معهم السادات واستخدمهم للقضاء علي الشيوعيين والاشتراكيين الناصريين ثم انقلبوا عليه بعد اتفاق السلام مع اسرائيل وقتلوه. في عهد السادات خرجت من الجماعة الام حركات جهادية منها تنظيم الجهاد ومنها تنظيم التكفير والهجرة ، ثم تصادموا مع مبارك في بداية حكمه ومنها الي فترة التوافقات ابتداء من عام 1997 م والتي اعترف الاخوان وعلي رأسهم محمد مرسي رئيس الجمهورية الحالي ان الجماعة كانت تنسق مع قيادات الحزب الوطني السابق علي مقاعد مجلس الشعب والشوري ومجالس النقابات وغيرها ، وكان اغلب هذه التفاهمات تتم تنسيقيا مع الحليف الامريكي القوي الذي يدعم اي نظام سلطة يحقق مصالحه بالمنطقة ، والدليل امامنا دعموا الاخوان كما دعموا مبارك تماما

وعندما تريد ان تفهم فكرة الخلافة الاسلامية بحق ودون تأثر من اوهام يتم ترويجها فتعود لقراءة التاريخ الاسلامي في كتب اهل الثقات واهل الذكر من امثال الذهبي والمقريزي وابن خلدون وغيرهم من المؤرخين العظماء الذين نقلوا بأمانة تاريخ الامة وسجلوه لمن يأتي بعدهم ليستدل لما كتبوه ويهتدي لضالته ويكتسب من بحور المعرفة ويتعلم.

 ماذا وجدت؟ وجدت ان الخلافة الاسلامية بمعناها الذي يبشر به جماعات الاسلام السياسي تظهر جلية في خلافة يزيد بن معاوية وما تلاه بعد ذلك وهو ما وصفه الرسول صلي الله عليه وسلم بالملك العضوض لأنني لا اثق ابدا ان هؤلاء بأفعالهم وكذبهم واطماعهم في السلطة ولو دفعوا في سبيلها الارواح لن يقيموا خلافة عمر بن عبد العزيز مثلا ولن يقيموا خلافة الراشدون ابو بكر ، وعمر وعثمان وعلي. تسألهم ماذا تقصدون بالخلافة فيقولون لك نريد الخلافة الاسلامية والحضارة والعظمة والوحدة  وانا لا اري في ذلك الا كلمة حق يراد بها باطل.

 والدليل ببساطة انهم لا يحددون ماذا يريدون فالخلافة الاسلامية ليست من امور الدين بل من امور الدنيا لأننا لن نجد نصا قرأنيا ولا حديثا للرسول الكريم “ص” يقول فيه بضرورة اقامة الخلافة الاسلامية والحكم من خلالها ولكن الله سبحانه وتعالي وضع اطار الحكم فقط وهو اقامة العدل وتعمير الارض والحكم بما انزل الله. يفعل المسلمون ذلك بأي شكل من اشكال الحكم لا بأس والدليل ان الحكم وطريقة اختيار الخليفة ابو بكر اختلفت عن طريقة حكم واختيار عمر واختلفت عن طريقة حكم واختيار عثمان وعلي ومن بعدهم معاوية بن ابي سفيان. والخلافة التي يريدونها دون تحديد للفترة التي يبغونها كان فيها الطغاة والظالمين والمتجبرين . ويتناسون ان الخلافة الاسلامية شكل سياسي للحكم تجاوزه الزمن بطبيعته ولكن قد يتحقق مراد الله بوحدة اسلامية في المستقبل بشرط بسيط ولكنه في منتهي الصعوبة للاسف “سلامة الضمائر”..

About the author



View the Original article

0 comments: