ظهر الرئيس الحالي في سباق الرئاسة كمرشح احتياطي لجماعة الإخوان المسلمين ، تحسباً لإزاحة خيرت الشاطر المرشح الأصلي ورجل الأعمال النافذ داخل الجماعة . وهو ما كشف إصرار الجماعة على المنصب بعد تعهدها القوى بعدم التقدم بمرشح للرئاسة ، مما أدى إلى وضع الجماعة في مأزق أخلاقي حاولت تبريره بتغير الظروف ، والخوف على الثورة بعد تهديد أحد قادة المجلس العسكري بحل مجلس الشعب .
تغيرت الظروف بالفعل واصطدم المجلس العسكري بالإخوان ، بعد شهر عسل طويل بدأ عقب الإطاحة بمبارك ، وشهد تعاوناً واضحاً بين العسكر والإخوان لكبح جماح الثورة ومحاصرة المطالب الاجتماعية والاكتفاء بالتغيير السياسي الذي لعب الإخوان الدور الأبرز فيه . كما شهدت هذه المرحلة سيل من تصريحات قيادات الجماعة حول عدم إمكانية الصدام بالعسكر دعماً لهم في المواجهات الدموية في شارع محمد محمود واعتصام مجلس الوزراء وأحداث وزارة الداخلية بعد مذبحة الألتراس ، ثم في ذكرى 25 ينايرومطالبات تسليم السلطة لمجلس الشعب ، والدعوة لإضراب عام في ذكرى الإطاحة بمبارك ، هذا بالإضافة إلى الحملة الشرسة لتشويه الاحتجاجات العمالية .
لقد ظهرت بوادر الصراع بين الإخوان والمجلس العسكري مع ظهور جمعية إبدأ لرجال الأعمال التي أسسها خيرت الشاطر وحسن مالك والتي يمكن اعتبارها خطوة لاستبدال رجال أعمال مبارك ، وتهديداً للنظام القديم بشبكاته الاقتصادية المعقدة شديدة الترابط ، مما استدعى تماسكاً حول المجلس العسكري في مواجهة الإخوان ، كما ظهر للمجلس العسكري أنه تجاوز أخطر مراحل الثورة ، وظن أن الرفض الشعبي للثورة يتزايد يوماً بعد يوم ، وأن هناك إمكانية لترميم النظام القديم ، ولم تعد هناك حاجة لدورالإخوان في السيطرة على الشارع ، خاصة وأنهم يطلبون أكثر مما ينبغي ويسعون إلى شراكة كاملة مع النظام القديم ، ويريدون تقديم بعض الإصلاحات على حساب الصناديق الخاصة والتخلص من المستشاريين في الوزارات وأغلبهم من العسكريين . لذلك قدم النظام القديم مرشحاً للرئاسة يضمن السيطرة الكاملة على الجهاز الإداري للدولة ويوجه ضربة معنوية قوية للثورة ، ويبني حزباً سياسياً بدعم من الرئيس الجديد ، يمكنه الحصول على الأغلبية في الانتخابات البرلمانية القادمة ، بعد توجيه ضربة أمنية قوية للإخوان في ظل تراجع شعبيتهم .
وعلى الناحية الأخرى تزايد الضغط على الإخوان بعد فشل مجلس الشعب وسقوطه شعبياً بسبب الأزمات المتفاقمة خصوصاً في قطاع الطاقة والنقل ، وعدم القدرة على توجيه حكومة الجنزوري أو السيطرة على الأجهزة التنفيذية ، أو حتى تعديل الموازنة الجديدة . هذا بالإضافة إلى تراجع شعبية الإخوان في الشارع ، وتزايد عداء القوى الثورية لهم ، والخوف من انشقاق تنظيمي بسبب أبو الفتوح الذي استقطب بعض كوادر الجماعة . لكن الأهم هو إدراك الإخوان أن سيطرتهم السياسية في خطر إذا ما نفذ المجلس العسكري تهديده بحل البرلمان . لذلك قررت الجماعة الهروب إلى الأمام والحفاظ على فرصتها وحجم تواجدها في السلطة بطرح مرشح للرئاسة وتحولت المعركة السياسية إلى معركة وجود بمعنى الكلمة بالنسبة للجماعة . فإذا ترك الإخوان الفرصة في ذلك الوقت للمجلس العسكري وبقايا النظام القديم، فلن تقل حظوظ الجماعة في السلطة فقط، بل إنها ستتعرض لعمليات انتقامية من النظام القديم، قد تصل إلى حل الجماعة واتخاذ إجراءات جذرية من أجل تصفيتها بشكل كامل ونهائي. وهو المصير الذي بات واضحاً من سياق الأحداث في ذلك الحين بعد أن عبر المجلس العسكري ما ظن أنه عنق الزجاجة.
View the Original article
0 comments:
Post a Comment