قاطرة تجري بأقصي سرعة الي سفح الجبل لتسقط. قائد لا يصلح للقيادة، اما هو منقاد لأهواء غيره ممن لهم القدرة علي التأثير وتسيير الامور أو هو فعلا بيده القرار ولكنه ضعيف القدرة عديم الخبرة ولا يحسن الامر. كل المتابعين للحال المصري الان يعرفون ان مصر تعاني من ازمة اقتصادية خطيرة بل في منتهي الخطورة. منذ شهر تقريبا كتبت في هذا الموقع مقال كتبت فيه ان الوضع الاقتصادي المصري فيه كثير من المشاكل ولكن هناك لكل مشكلة حل واقعي نستطيع بسرعة البدء فيه فورا. أما الان فالوضع فعلا كارثي واكثر سوءا من ذي قبل.
مع استمرار انهيار العملة المحلية (الجنيه المصري) أمام الدولار الامريكي وباقي العملات، ومع العلم أن صادرات مصر اقل كثيرا مما ينبغي وواردات غير معقولة فانخفاض العملة يسبب مشاكل اكثر واكثر يصبح من العسير حلها أو التقليل من اثارها. استقال فاروق العقدة من رئاسة البنك المركزي بعد ادراكه لصعوبة تسيير الامور في ظل تخبط اداري حكومي غير مسبوق وقرارات تنفيذية غير مدروسة اطلاقا، وتولي هشام رامز رئاسة البنك ومنذ توليه منصبه اكمل نفس النهج الذي بدأه فاروق العقدة وهو عمل بيع مدروس لكمية من الدولار يومياً لتلبية الطلب الحقيقي بشكل يومي وبالتالي يحدث انخفاض العملة بشكل يوحي بسيطرة الجهاز المصرفي عليه وليس انخفاضا حادا وعشوائي. وبالرغم من النجاح النسبي لهذا الاجراء في الحد من فداحة الازمة الا ان هذه القرارات فتحت ابوابا خلفية للسوق السوداء. ونجاح هذا المسار جزئي ولن يصمد امام استنزاف الباقي من الاحتياطي النقدي الذي انخفض في يناير الي 13.4 مليار دولار، واذا علمنا ان ثلث هذا الرقم موضوع في هيئة سبائك ذهبية غير قابلة للصرف فيصبح الاحتياطي الحقيقي للحكومة المصرية حاليا حوالي عشرة مليارات دولار فقط.
تحتاج الحكومة المصرية لمبلغ 5 مليارات دولار شهريا لتلبية كل احتياجتها من الخارج فتستورد القمح والذرة والسولار ومنتجات الطاقة والغذاء وغيرها بالاضافة الي الوفاء بالتزامات الديون الخارجية. وعندما نعلم ان الاحتياطي الموجود عشرة مليارات دولار، ولا يوجد اي توريد مناسب يعوض الفاقد من العملة الاجنبية سواء من مورد السياحة الذي انهار تماما خلال الشهور الاخيرة أو من استثمارات كبيرة تأتي من الخارج . فالنتيجة ان الاحتياطي النقدي سيصل الي الرقم صفر بعد شهرين تقريبا أو يزيد قليلا اذا دخلت اي استثمارات عربية في هذه الفترة وهذا في حد ذاته مغامرة كبيرة من صاحب الاستثمار. ولو وصل الاحتياطي لقرب الصفر اذن يعلن المصرف المركزي المصري عجزه عن الوفاء بأي واردات جديدة او سداد أي اقساط جديدة للدين الخارجي وبالتالي تعلن الحكومة المصرية افلاسها بكل اسف.
العجيب اننا في هذه الظروف لا نجد تحركاً حقيقياً للحكومة او الحزب الحاكم لاتخاذ خطوات حقيقية ملموسة لعلاج هذه الازمة او حتي الاعتراف بعدم القدرة علي علاجها ومواجهة الشعب بالحقيقة حتي لا يصطدم بما سوف يعانيه او بدأ فعلا في المعاناة منه. فلقد بدأت بالفعل ازمات في البنزين والسولار وازدحمت المحطات المزودة للوقود بعشرات الطوابير من السيارات وظهرت الضغوط والخناقات والجرائم. كما ظهرت السوق السوداء بكثافة من مجرمين يهربون السولار عبر الحدود الي قطاع غزة مقابل المال. والازمة يبدو انها في طريقها للاستفحال وليس الحل والحكومة لا حس لها ولا نراها الا في تصريحات غريبة عن تنظيف الامهات لتفادي اسهال الاطفال!!
مصر في هذه اللحظة تحتاج بسرعة جدا لمؤتمر اقتصادي دولي ينقذ الاحوال قبل انهيارها ولابد من حكومة انقاذ تتشكل فوراً من كفاءات اقتصادية وسياسية تستطيع اتخاذ القرارات الصعبة والتي تراعي في المقام الاول الا تمس الطبقة الفقيرة قدر الامكان وتمتلك القدرة علي ان تكون قرارتها في منتهي الوضوح والشفافية وليعرف الشعب حقيقة وضع بلاده اقتصادياً ويتحمل المسئولية حتي نمر بالازمة باذن الله.
View the Original article
0 comments:
Post a Comment