إن الخوف من الله يعد من أعلي مراتب الإيمان، ومن ضروريات تحقيقة، فيقول الله تعالي في كتابه: “إنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانًا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ (2) الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ (3) أُولَئِكَ هُمُ الْمُؤْمِنُونَ حَقًّا لَهُمْ دَرَجَاتٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَمَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ” صدق الله العظيم. فالخوف من الله هو الشعور الذي نحتاجه ونحن نعبد رب العالمين، حتي نخلص له و نوفيه حق العبادة و الرجاء. فالخوف من الله يعد صيانة للنفس من كل الأمور التي أصبحت منتشرة بشكل واضح في المجتمع الإسلامي. فحين نخاف الله لن ننافق، لن نسرق، لن نعصي، لن نذنب، لن نفعل كل تلك الأمور التي نهانا عنه الله ورسوله. فخوف الله من الأمور التي يجب أن يحرص عليها الإنسان لتكون له حسن العاقبة.
فالخوف من الله يعد هو المحفز للإنسان المؤمن علي زياده العبادة والطاعة، فهو ليس خوفا سلبيا. و المقصود من هذا الخوف أن يشعر الإنسان بالتقصير في حق الله دائما، فيزيد من عمله، وصدقته، وصلاته, ويضل رحمه،إلي آخر كل الأمور التي أمرنا بها عز وجل. إن للخوف ثمرات يجنيها المؤمن في الدنيا و في الآخرة. ففي الدنيا نجد أن الخوف من الله يؤدي إلي التمكين في الأرض و الانتصار علي الأعداء، وهلاك العدو. فالخوف يجعل العبد يفعل كل ما يستطيع حتى يرضي الله سبحانه ولا يحتمل قلبه شعور أن الله غاضب عليه. فكان أصحاب سيد الخلق أكثر الناس خوفا من رب العباد، ففتح الله عليهم مشارق الأرض و مغاربها، وأيضا فتح الله بهم البلاد و قلوب العباد. فيجب علينا الانكسار أمام الله حتي نشعر بالاحتياج إلي الله، وأن نشعر بالفقر أمام غناه سبحانه جل علاه. ويحث الخوف من الله علي العمل الصالح و الإخلاص فيه، وعدم طلب المقابل في الدنيا.
أما في الآخرة فالخوف من الله يجعل الإنسان في ظل عرش الرحمن يوم القيامة، ويحول بينه و بين النار. فيقول النبي عليه الصلاة و السلام: “سبعة يظلهم الله في ظلّه يوم لا ظل إلا ظله: إمام عادل، وشاب نشأ في عبادة الله، ورجلان تحابا في الله اجتمعا عليه وتفرقا عليه، ورجل ذكر الله خالياً ففاضت عيناه، ورجل قلبه معلق بالمساجد، ورجل تصدق بصدقة فأخفاها حتى لا تعلم شماله ما تنفق يمينه، ورجل دعته امرأة ذات منصب وجمال فقال: إني أخاف الله رب العالمين.” فهذا هو نوع الخوف الذي نحتاج إليه، هذا النوع الذي سيرفع عنا الخوف يوم القيامة.
فإذاعمل الإنسان طاعة يخاف ألا يقبلها الله منه، وإذا عمل الله معصيه أو منكر، فيجب عليه أن يخاف الله أكثر من أي إنسان في الوجود. فكان النبي عليه الصلاة و السلام أشد الناس خشية وخوفا من الله عز وجل وكان يدعو الله قائلا: ” اللهم أقسم لنا من خشيتك ما تحول به بيننا و بين معصيتك , و من طاعتك ما تبلغنا به جنتك.” فخير لنا أن نخاف الله و نتقيه، فمن يتخيل فقط عذاب الآخره و عذاب القبر، سيخاف الله خوفا شديدا، يجعله من أتقي عباد الله. وإن نفس الإنسان امارة بالسوء، فيجب أن يحاسب الإنسان نفسه علي كل شيئ يفعله، حتي ينجو بنفسه في الدنيا و ينجو بها أيضا يوم القيامة. فالخوف مة الخالق هو أصل التقوى والورع ، ونتيجته الفلاح ورضا الله سبحانه، و الفوز بأعلي درجات الجنة.
View the Original article
0 comments:
Post a Comment