إن العبد المؤمن يكون علي يقين أن الله عز وجل يحبه، وأن كل شيء في هذا الكون بيد الله عز وجل، وأن الخلق ليس بيدهم شيء. فنجد العبد القريب من ربه، يتعلق قلبه بالله، ويحرص دائما علي مرضاته، لا على مرضاة الناس. فيتخلى عن الأساليب السيئة في تعامله مع الناس، فلا يكذب ولا ينافق، ولا يمكر ليصل إلي غرض دنيوي، وهذا يجعله يتحلى بالصدق والإستقامة مع الله عز وجل. ويعلم العبد أن أجله بيد الخالق عز وجل، وأن أقصى ما يناله منه عدوه وهو القتل، إنما هو بتقدير الله جل علاه، لا بيد أحد من الخلق، فنجد العبد قد تحلى بالشجاعة في مواجهة عدوه، وفي الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر. وكلما كان العبد قريب من ربه، كلما كان على علم ودراية بأن كل من عند الله خير، فلا تفارق الإبتسامة وجهه، ودائما علي ثقة بقدرة الله عز وجل.
وإذا علم العبد أن ما يقع عليه من الناس من تقصير وإساءة، أنما هو بتقدير من الله عز وجل، أورثه ذلك رغبة في العفو عمن ظلمه وأساء إليه، أو قصر في حقه، ويتجلى ذلك في سلوك النبي صلي الله عليه وسلم، فقد كان يصبر على الأذى، ويدفع بالتي هي أحسن، فكان لا ينتقم لنفسه قط، فكان يعلم صلي الله عليه وسلم أن الله شاهد على كل شيء، وأن الله عز وجل لا يضيع حق مظلوم ولا يتهاون مع ظالم، فكل عقاب المدنب مؤجل، إلا الظالم يقتص الله منه في الدنيا، ويعاقبه أيضا في الآخرة. وكثرا ما قال النبي صلي الله عليه وسلم عند تعرضه للأذي: ” رحم الله موسى لقد أوذي بأكثرمن هذا فصبر” صدق رسول الله صلي الله عليه وسلم. وعلينا نحن المسلمون أن نتبع خطي الحبيب محمد صلي الله عليه وسلم في الصبر والمعاملة الحسنة.
العبد ذو السلوك المستقيم يعبد ربه خوفا وطمعا، لأنه يعلم تمام العلم أن العبرة بالخاتمة، وأن السعيد من عباد الله عز وجل من هيأ الله له أسباب السعادة، وكتبه من السعداء، وأن الشقي من شقي في بطن أمه، وأن العبد قد يعمل بعمل أهل الجنة طوال حياته، ثم يختم له بعمل يؤدي إلي النار، فيخاف من سوء الخاتمة، وقد يعمل بعمل أهل النار ، فيتوب، ثم يعمل بعمل أهل الجنة فيدخلها، ويطمع في عفو ربه وجنته. فقد كان سيد الخلق محمد صلي الله عليه وسلم وجميع أنبياء ورسل الله يجمعون بين الخوف والرجاء، فقال تعالى في كتابه العزيز: “وَزَكَرِيَّا إِذْ نَادَى رَبَّهُ رَبِّ لَا تَذَرْنِي فَرْدًا وَأَنْتَ خَيْرُ الْوَارِثِينَ* فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَوَهَبْنَا لَهُ يَحْيَى وَأَصْلَحْنَا لَهُ زَوْجَهُ إِنَّهُمْ كَانُوا يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَيَدْعُونَنَا رَغَبًا وَرَهَبًا وَكَانُوا لَنَا خَاشِعِينَ” صدق الله العظيم.
المؤمن المستقيم هو من يعلم أنه يجب أن يكون رحيم على العباد من حوله، فالرحمة من صفات الله عز وجل، فقد قال النبي صلي الله عليه وسلم: “إن الله خلق الرحمة يوم خلقها مائة رحمة، فامسك عنده تسعا وتسعين رحمة، وأرسل في خلقه كلهم رحمة واحدة، فلو يعلم الكافر بكل الذي عند الله من الرحمة، لم ييأس من الجنة، ولو يعلم المؤمن بكل الذي عند الله من العذاب، لم يأمن من النار” صدق رسول الله صلي الله عليه وسلم. فعلي العبد أن لا يحتج علي قدر الله وقضاءه، بل عليه أن يصلح ذات نفسه، ولا يلوم إلا نفسه، إذا كان يفعل أي من المعاصي والذنوب فعليه أن يتوب إلي الله توبة نصوحة حتي يعفو الله عنه.
View the Original article
0 comments:
Post a Comment