دبي حيث يحتضن المسلمين غيرهم

on Sunday, December 30, 2012

لعل أن المدن المتعددة الثقافات و الأديان عديدة اليوم، و لكن إذا تأملنا جيدا لوجدنا أغلبها متموقعة في غرب الكرة الأرضية على غرار لندن و بريطانيا ككل التي تعتبر و بشهادة المسلمين و غيرهم البلاد التي يحترم فيها المعتقد إلى درجة أصبح يقال أن فيها ملكة لا يظلم فيها أحد، و توجد دول غربية أخرى تحتضن المسلمين مثل كندا و إقليم كيبيك ناهيك عن التواجد التاريخي للمسلمين في فرنسا و هولندا رغم المضايقات التي تعيشها الجالية الإسلامية مقارنة بالنموذج البريطاني و الكندي السالف الذكر، و لكن الشيء الغير المتعود عليه هو دولة عربية  تفتح أبوابها لغير المسلمين و تتيح لهم فرصة العيش على أراضيها في سلام، مع الضمان الكامل لحقوقهم  شريطة مراعاتهم للآداب، وخصوصية المجتمع الإسلامي المحافظ، ارتأيت في مقالي هذا أن ألقي الضوء على النموذج الإماراتي و بالتحديد تجربة إمارة دبي.

إمارة إسلامية بنكهة أمريكية

الزائر لإمارة دبي سوف يلاحظ لا محالة اللمسة الأمريكية على المدينة، ناطحات السحاب، السيارات الأمريكية، محلات الماكدونالدز و دجاج الكنتاكي و مراكز التسوق الكبرى، ربما شيء غريب للوهلة الأولى أن تحط ببلد إسلامي بصبغة أمريكية غربية و لكن إذا دققت النظر في التركيبة البشرية لسكان إمارة دبي لوجدتها متعددة الجنسيات و الثقافات، شعوب التقت لتتعارف و تعيش في سلام تحت إمرة حكومة مسلمة، فكثيرا ما سمعنا عن إشكالية  قبول الغرب للمسلمين، لكن قلّ ما تحدثنا عن  قبول المسلمين لغيرهم هذه المفارقة تصنعها دبي بامتياز و تجعلها المدينة الأولى في الشرق الأوسط من حيث التنوع الثقافي.

الفرد الغربي في مواجهة الطبيعة و التكيف مع القوانين

الأمر الذي شد انتباهي في إمارة دبي هو قدرة غير المسلمين و أخص بالذكر المقيمين الأوروبيين و الأمريكيين على التكيف مع أجواء العيش في الخليج، ليس فقط التأقلم مع الطقس الحار و الرطوبة العالية، بل أيضا الكيف مع قوانين دولة إسلامية لها خصوصياتها في طريقة اللبس و السلوك الواجب إتباعه، شيء يبدو من الوهلة الأولى صعب فرضه على شخص ولد و ترعرع في بيئة غربية غير مسلمة، و لكن وعلى العموم يمكن القول أن المواطن الغربي نجح و إلى حد بعيد في التأقلم مع نمط العيش الإسلامي مع عدم تجاهل التسهيلات الكبيرة التي منحت لهم من الحكومة المحلية من حريات في إطار جد منظم لحفظ الهوية الإسلامية و العربية في جو ملأه الاحترام المتبادل.

إمارة تكتسي أبهى الحلل للإحتفال بالأعياد الدينية  

و من الأمور الأخرى التي أراها جد مميزة في دبي هي مظاهر الاحتفال بالأعياد الدينية، فبالنسبة للمسلمين و في رمضان تغلق المقاهي و المطاعم نهارا، و تقام صلاة القيام ليلا و تتزين المدينة لعيد الفطر، و كذلك للهندوس و السيخ نصيبهم فيزينون شرفاتهم بالأضواء الملونة احتفالا بديوالي أو عيد الأنوار في فصل الخريف، وهو الأمر كذلك للمسيحيين عند حلول رأس السنة الميلادية فتزين أشجار الميلاد المحلات وتقام الصلوات في الكنائس بعيدا عن الاحتفالات الصاخبة.

في الأخير يمكن القول أن الفرد الغير مسلم سواء الغربي أو غيره يمكن له العيش إلى جانب المسلمين و في بلادهم في سلام، إذا فتحت له قنوات  الحوار المباشر  وأتيحت له إمكانية الزيارة و التعرف على الثقافة الأخرى عن كثب و من دون حواجز،  بعيدا عن ما تنقله وسائل الإعلام، كما تجدر الإشارة إلى أن تجربة إمارة دبي أبطلت فكرة كره المسلمين لغيرهم و عدم قابليتهم لاحتضانهم ، مع أن الجانب القانوني أرى بأنه كذلك جد مهم لتوفير المناخ المناسب للتعايش السلمي عن طريق سن قوانين ردعية لمحاربة كل أشكال العنصرية بسبب العرق أو اللون وهو الشيء نفسه التي تنص عليه تعاليم الدين الإسلامي الحنيف.

About the author



View the Original article

0 comments: