إن من الصفات الحميدة التي ضيعها الكثير من المسلمين إلا من رحم الله ، ستر عورات المسلمين، والأخذ بأيدي هؤلاء الذين يعملون السيئات إلي الله تعالى، ليتوبوا من قريب بدلا من هتك عوراتهم، وكشف عيوبهم ، وإعانة الشيطان عليهم. يجب على كل مسلم ان يتقي الله في نفسه وفي أهل بيته، وفي أمواله وفي الناس جميعا، وأن يتجنب معصيته. وإذا تغلب عليه الشيطان و اوقعه في معصية، وجب عليه أن يستر نفسه بستر الله، ولا يفضح نفسه بين الناس، وأن يتوب إلي الله عز وجل عسى أن يغفر له ويتوب عليه. وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: “كل أمتي معافى إلا المجاهرين، وإن من المجاهرة أن يعمل الرجل بالليل عملا ثم يصبح وقد ستره الله، فيقول: عملت البارحة كذا وكذا، وقد بات يستره ربه، ويصبح يكشف ستر الله عنه” صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وعن ابن مسعود رضي الله عنهقال: جاء رجل إلي النبي صلى الله عليه وسلم فقال، يا رسول الله، إني عاجلت إمرأة في أقصي المدينة، وإني أصبت منها دون أن أمسها، فأنا هذا، فاقض فيّ ما شئت. فقال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: لقد سترك الله، لو سترت نفسك، فأتبعه النبي صلى الله عليه وسلم رجلا دعاه، وتلا عليه هذه الآية: ” وَأَقِمِ الصَّلاَةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ وَزُلَفًا مِّنَ اللَّيْلِ إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّـيِّئَاتِ ذَلِكَ ذِكْرَى لِلذَّاكِرِينَ” (هود:114) صدق الله العظيم، فقال رجل من القوم: يا نبي الله، هذا له خاصة، قال:” بل للناس كافة” صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم. إن الله يحب ستر عورات المسلمين في الدنيا والآخرة، فقال الله تعالى في كتابه العزيز: ” وَأَسْبَغَ عَلَيْكُمْ نِعَمَهُ ظَاهِرَةً وَبَاطِنَةً” ( سورة لقمان: 20) صدق الله العظيم.
وإن الناس في ارتكاب المعاصي قسمين، قسم من كان مستورا، لا يعرف بشيء من المعاصي، فإذا وقعت منه هفوة أو ذلة، فإنه لا يجوز كشفها او هتكها، أو التحدث بها، لأن ذلك غيبة محرمة، فقد قال الله تعالى: ” إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَنْ تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ” (النور:19) صدق الله العظيم. أما القسم الثاني قسم من كان مشتهرا بالمعاصي، معلنا بها ولا يبالي بما ارتكب منها وما قيل له، فهذا هو الفاجر المعلن، الذي يجب معاقبته علي البوح بمعصيته، فهو لم يستح من الله عز وجل أثناء المعصية ولا حتى بعدها.
وكان رسول الله صلى الله عليه وسلمإذا أخطأ احدا من الصحابة او وقعت منه زلة، لا يفضحه أمام الناس، ولكنه يجمع الناس ليحذرهم الوقوع في نفس الخطأ، فيقول: ” ما بال أقوام يفعلون كذا وكذا” دون أن يذكر أسمائهم. وقال أبو بكر الصديق رضي الله عنه: لو لم أجد للسارق والزاني وشارب الخمر إلا ثوبي لأحببت أن أستره عليه. وبما أننا مسلمين نرجو رضا الله عز وجل ورضوانه، فيجب علينا أن نتبع خطى سيد الخلق محمد صلى الله عليه وسلم وأصحابه، حتي يسترنا الله في الدنيا وفي الآخرة، ويعصمنا من المعاصي والجهر بها.
لذلك من واجب العلماء وولاة الأمر ستر عيوب الناس الذين لا يجاهرون بالمعاصي، فإن العلماء وولاة الأمور هم أولى الناس بستر العيوب، لأن كشف عوراتهم يزيل هيبتهم من صدور الناس ، فيحدث في الناس وفي البلاد الفساد الذي لا يحمل عقباه، ولا يقبل الناس من أهل العلم فتوى ولا نصيحة.فعن عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ” أقيلوا ذوي الهيئات عثراتهم إلا الحدود” صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم، أي اعفوا عن أصحاب الصفات الحميدة من الناس، إذا وقعت منهم ذلات.
View the Original article
0 comments:
Post a Comment