إن الدعوة إلى الله هى طلب الإيمان به وعبادته وحده لا شريك له، والإيمان بوحدانيته، والعمل بطاعته وترك معصيته، فإن الله سبحانه وتعالى خلق الخلق لعبادته، كما قال تعالى: “وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ* مَا أُرِيدُ مِنْهُم مِّن رِّزْقٍ وَمَا أُرِيدُ أَن يُطْعِمُونِ* إِنَّ اللَّهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ” ( الذاريات 56 -58 ) صدق الله العظيم. وهذا مقتضى العقول وهذه هي الفطرة السليمة التي فطر الله عليها عباده الصالحين، فإن العبادة لا يستحقها إلا الذى يقدر على الخلق والرزق كما قال تعالى:” والذين يدعون من دون الله لا يخلقون شئيا وهم يخلقون” ( النحل 20 ) ، وقال تعالى: ” إن الذين تعبدون من دون الله لا يملكون لكم رزقا ” (العنكبوت 17 ).
وقد تغيرت تلك الفطرة البشرية، مما أدي إلي انحرف بعض المخلوقين إلى عبادة غير الله ، وقد يكون ذلك بسبب التربية السيئة أو البيئة الفاسدة أو بسبب دعاة السوء من شياطين الإنس والجن، كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم “ما من مولود إلا يولد على الفطرة فأبواه يهودانه ، وينصرانه ، ويمجسانه ” صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم . وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما يرويه عن ربه عز وجل أنه قال ” خلقت عبادى حنفاء كلهم وإنهم أتتهم الشياطين فاجتالتهم عن دينهم ” صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وقد كانت هذه العوامل هى سبب ضلال الخلق، وذلك بالإضافة إلي تأثير النفوس الأمارة بالسوء. فقد أمر الله تعالى بالدعوة إلى الله لرد الشاردين وتعليم الجاهلين وتذكير الغافلين، فأنزل كتبه وأرسل رسله من أجل الدعوة إليه ودعا عباده إلى الرجوع إليه، كما قال تعالى: ” وَاللَّهُ يَدْعُو إِلَى الْجَنَّةِ وَالْمَغْفِرَةِ بِإِذْنِهِ” (البقرة:221) ، وقال تعالى “وَاللَّهُ يَدْعُو إِلَى دَارِ السَّلامِ “ ( يونس 25 ) ، وقال تعالى ” يدعوكم ليغفر لكم من ذنوبكم ويؤخركم إلى أجل مسمى ” ( إبراهيم 10 ) صدق الله العظيم.
وجاءت النداءات المتكررة منه سبحانه وتعالى فى كتابه الكريم ” يا أيها الناس ” ، ” يا أيها الذيا آمنوا ” ، ” يا عبادى ” يدعوهم إلى الخير وينهاهم عن الشر. لقد حصل الانحراف فى البشرية عن عقيدة التوحيد منذ قوم نوح فأرس الله سبحانه وتعالى الرسل لدعوة الخلق إلى التوحيد والإيمان كما قال تعالى ” وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولًا أَنْ اُعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ ” ( النحل 36 )، وبين مهمتهم فى قوله تعالى فى كتابه العزيز ” رُسُلًا مُبَشِّرِينَ وَمُنذِرِينَ لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللَّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ “( النساء 165) ، وقال تعالى فى كاتبه العزيز “يُنَزِّلُ الْمَلآئِكَةَ بِالْرُّوحِ مِنْ أَمْرِهِ عَلَى مَن يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ أَنْ أَنذِرُواْ أَنَّهُ لاَ إِلَـهَ إِلاَّ أَنَاْ فَاتَّقُونِ ” ( النحل 2).
وقد جعل الله عز وجل هذه الأمة المحمدية وارثة الرسالات والكتب السماوية، كما جعل نبيها خاتم الرسل ومبعوثا للناس كافة، وجعل كتابها المهيمن على الكتب وجعلها وارثة هذا الكتب العظيم ، كما قال تعال فى كتابه العزيز: “ثُمَّ أَوْرَثْنَا الكِتَابَ الذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا ” ( فاطر 32 ) . فإنه يجب علينا نحو البشرية أكثر مما يجب على غيرها ممن سبقها من الأمم لما أعطاها الله من الإماكانات العظيمة التى لم تعطها أمة غيرها بل هى المسئولة الوحيدة عن القيام بدعوة البشرية وتبليغها دعوة الله لمن يقبل هدى الله أو الجهاد لمن ضد عن سبيل الله كما قال تعالى ” كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللّهِ ” ( آل عمران 110)، وقال تعالى فى كتابه العزيز: “وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا” ( البقرة 143 ) صدق الله العظيم.
View the Original article
0 comments:
Post a Comment