يعد الخلق الكريم هدف من الأهدف الأساسية و الرئيسية التي تدعو إليها رسالة الإسلام، كما يعبر عن ذلك الرسول عليه السلام في الحديث الشريف “إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق”، فالخلق الكريم دليل علي حسن إيمان المرء وقربه من الله عز وجل. ومن إشارات الرسول عليه الصلاة والسلام إلي ذلك أيضا أنه قال: “ليس الإيمان بالتمني ولكن ما وقر في القلب وصدقه العمل”، وسئل رسول الله صلي الله عليه وسلم ما الدين؟ فأجاب “حسن الخلق”. و من الصفات التي يجب أن يتسم بها المؤمن هي التحلي بآداب الزيارة، فكلنا نعلم أن هناك بعض العادات والآداب الإجتماعية التي تكون طريقا طيبا لإيجاد علاقات طيبة بين الناس، ومنها ” آداب الزيارة”. ويحرص الإسلام دائما علي إيجاد علاقات طيبة بين أفراد المجتمع، كما يحرص علي استئصال الأسباب التي تفسد هذه العلاقات. ويعتبر آداب الزيارة ضرورة اجتماعية وسمة خلقية، كما وضع القرآن قواعدها في قوله تعالى: ” يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَدْخُلُوا بُيُوتًا غَيْرَ بُيُوتِكُمْ حَتَّى تَسْتَأْنِسُوا وَتُسَلِّمُوا عَلَى أَهْلِهَا ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ (27) فَإِنْ لَمْ تَجِدُوا فِيهَا أَحَدًا فَلَا تَدْخُلُوهَا حَتَّى يُؤْذَنَ لَكُمْ وَإِنْ قِيلَ لَكُمُ ارْجِعُوا فَارْجِعُوا هُوَ أَزْكَى لَكُمْ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ (28)” صدق الله العظيم.
فالله تعالى قد جعل البيوت سكنا للناس، فتسكن أرواحهم وتطمئن نفوسهم، ويأمنون علي عوارتهم وحرماتهم. والبيوت لا تكون كذلك إلا حين تكون حرما آمنا، لا يستبيحه أحد إلا بعلم أهله وإذنهم، وفي الوقت الذي يريدون، وعلي الحال الذي يحبون ان يلاقوا بها الناس. ولهذه الأسباب أمرنا الله تعالى بضرورة الإستئذان عند دخول بيوت غير بيوتنا. وليس أمر الإستئذان مقصورا علي دخول المرء بيت غيره فقط، بل الأمر أيضا عندما يريد المرء أن يدخل بيت بعض أقاربه الأقربين، حتي ولو كان بيت ليس فيه إلا أمه وأخواته. فعن عطاء ابن يسار، أن رجلا قال للنبي عليه الصلاة والسلام: ” أأستأذن علي أمي؟ قال الرسول: نعم، قال الرجل: إنها ليس لها خادم غيري، افأستأذن عليها كلما دخلت؟ قال الرسول: أتحب أن تراها عارية؟ قال الرجل: لا، قال الرسول: فاستأذن عليه” صدق رسول الله صلي الله عليه وسلم. ومن آداب الزيارة ألا يلح الزائر في الاستئذان أو يلتزم باب الدار إن لم يجد الإذن من صاحبها، بل عليه إن لم يجد الإذن من صاحب البيت أو رفض مقابلته، أن يرجع، دون أن يكون في نفسه كراهية لصاحب البيت. فمن حق كل إنسان أن يمتنع عن مقابلة من يشاء، إذا كانت ظروفه لا تسمح بمقابلته، أو يعتذر إليه إن كان منشغلا بأمر يمنعه من التفرغ لمقابلته.
وقد جعل الرسول علية السلام حق الخلوة للإنسان حقا عاما، فلا يجوز لأحد أن يقرأ رسالة الآخر بدون إذنة وهذا ما يحقق العلاقات الطيبة بين الأفراد . ومن آداب الزيارة أن تختار الوقت المناسب للزيارة، فمن المستحسن ألا تكون الزيارة فى الصباح الباكر أو فى وقت القيلولة أو فى وقت متأخر من الليل. وحبذا لو تم إخبار صاحب البيت بموعد الزيارة إذا كان ذلك ممكنا حتى يستعد لاستقبال زائره، كما أنة لابد من مراعاة الوقت بحيث لا تطول مدة الزيارة وخصوصا إذا كان صاحب البيت من أصحاب الأعمال الذى يحتاج إلى وقته . ومن آداب الزيارة أيضا أن تحيى صاحب البيت و أن تسلم عليه، وعلى صاحب البيت أن يظهر له الفرحة بزيارته وأن يودعه بالبشاشة عند انتهاء زيارته . ومن المستحسن ألا تكون الزيارة فى أماكن العمل إلا للضرورة، وحينئذ تكون فى وقت قصير حتى لا يترتب عليها ضياع الوقت وتعطيل الأعمال، والإسلام كما نعلم يدعو إلى العمل وإلى احترام الوقت .
View the Original article
0 comments:
Post a Comment