الفرق بين الدين والتدين

on Wednesday, March 27, 2013

واستكمالا لسلسلة مقالتنا عن المسائل الخلافية أو المثيرة دائما لدوامات الجدال والسؤال، وتسببت كثيرا في تفكك حضارات اما لعدم نضج الناس والمفكرين أو لعدم استيعابهم لما جاء به الدين الاسلامي الحنيف. هناك دائما فارق شاسع بين الدين وبين خبرات التدين ، وهذا سيكون باذن الله الموضوع الذي نناقشه الان. سنبدأ بالتعرف علي الفارق الذي يقول به العلماء والفقهاء والمفكرين في كل زمان منذ نزول الوحي علي سيدنا محمد صلي الله عليه وسلم وحتي الان. الدين في المفهوم الاسلامي هو دين واحد سماه الله بالاسلام، وبالدين الحنيف، وبدين القيمة. أهبط الله بأياته ملكا هو جبريل عليه السلام وهو المسمي بالروح القدس عند أهل الكتاب اليهود والنصاري. والقران هو الكتاب الوحيد الذي تكلف الله بحفظه وعندما يتكلم المشككين في عدم حفظ الله للتوراة والانجيل فالاجابة ببساطة لأن اهل الكتاب سواء اليهود او النصاري لم يقولوا اصلا بأن كتابهم المقدس جاء بوحي من السماء او يجزمون بأنه كلام الله بل هم يقولون فعلا ان عزرا الراهب هو من كتب التوراة وكان ذلك بعد وفاة النبي موسي عليه السلام بخمسمائة عام تقريبا، وتراهم يقدسون التلمود اكثر ففيه تعاليمهم وتشريعاتهم. كذلك النصاري يقولون بأن الاناجيل كتبها الرسل من تلاميذ المسيح (وهم من نسميهم نحن المسلمين بالحواريين وتلاميذ السيد المسيح عليه السلام). اذن فالدين عند الله واحد والاسلام لمن يفهمه حتي لو لم يكن من المسلمين سيجده دين عالمي يخاطب الجميع بدون تفرقة، يكمل كل ما نقص، يراعي ابسط واعقد الحقوق الانسانية وينظمها ويضبطها. القران الذي تقرأه في الهند واندونيسيا هو نفسه ما تقرأه في مصر وتونس وهو نفسه ما تقرأه في واشنطن ومونتريال.

 لكن طالما الاسلام هو دين واحد وكتاب الله بين يدي المسلمين منذ الف واربعمائة عام واكثر كتاب واحد تكلف الله بحفظه، وطالما اورثنا الرسول الكريم صلي الله عليه وسلم سنة نبوية مطهرة من يتبعها لا يضله الله ابدا….لماذا الاختلاف اذن بين المسلمين؟ لماذا اختلفنا بين شيعة وسنة؟ ولماذا اصبح الانتماء للمذهب اكثر التصاقا للمسلم من الدين نفسه؟ لماذا يتشدد البعض في الفروع بالرغم من رحابة الاختيار في الاسلام؟ لماذا تفرق المسلمين شيعا وطوائف بين سنة وشيعة ،وكل طائفة انقسمت علي نفسها لعدة فرق بالرغم من نهي الرسول صلوات الله وسلامه عليه عن التحزب والتشرذم وامرنا ان نتوحد ونكون في دين الله اخوانا؟ الامر اذن يتعلق بسبب اخر غير الدين، ألا وهو خبرات التدين.

 خبرات التدين يا سادة هي عبارة عن فهم واستيعاب وقبول أمة من الامم ،او شعب من الشعوب، او بعض من الناس المنتظمين في جماعة او فرقة للدين. المعني هنا هو ماذا يفهمون هم من الدين، وبالتالي تتشكل رؤيتهم للحياة، ويتشكل مفهومهم عن الشريعة الاسلامية التي تنضبط بها حياتهم. من الامثلة علي ذلك ستجد الفارق الشاسع بين مافهمته جماعات طالبان في افغانستان عن الاسل ام والشرع وبين ما فهمه المسلمون في ماليزيا عن الاسلام والشرع. ستكون حجتك امام من يهجو الاسلام بدين عنف ان تقول له اخطأت فالاسلام دين سلام ومودة والعنف خصلة بشرية تخص اهلها اي كانت ديانتهم ،والاسلام من يعمل به ويستوعبه بشكل صحيح يستطيع من خلاله النهوض بالمجتمع واللحاق بركب الحضارة والدليل ان ماليزيا تنتظرها الفرصة الكبيرة ان تكون من افضل واعظم اقتصاديات العالم بحلول العام 2020 ميلادية أي بعد سبعة سنوات فقط. نختتم هذه المقالة بالتأمل في رواية عن سيدنا عمر بن الخطاب عندما قرر امرا فكتبه الكاتب “هذا ما اراه الله عمر” فنهره عمر رضي الله عنه وقال له امحها واكتب “هذا ما رأه عمر”. امير المؤمنين الفطن ادرك ما نحن فيه حتي الان مختلفون ،ادرك الفارق بين الدولة الدينية والمدنية فقرر ان تكون دولة المسلمين دولة مدنية يحاسب من يحكمها ويكون مسئولا عن احكامه ولا يحصنها بالدين.

About the author



View the Original article

0 comments: