القمة العربية البائسة

on Thursday, March 28, 2013

أنتمي لجيل كفر بكل ما يمت بصلة لما يسمي القمة العربية،  والعمل العربي المشترك،  والدفاع العربي المشترك. ولم يكفر جيلي أو بالاحري جيلي واجيال اخري كثيرة في الحقيقة لديها نفس الشعور،  شعور مؤسف بالاشمئزاز والضيق الشديد من المشهد الديكوري الممل والمتكرر لعدد من الاشخاص اصحاب ألقاب الفخامة والعظمة والسمو،  يجلس خلفهم اشخاص من المفترض انهم يمثلون الوفد رفيع المستوي المصاحب لكل زعيم من الزعماء الملهمين الجالسين في المقدمة. يتميز اعضاء الوفود الرسمية بنوبات من التثاؤب والنعاس تجعلك فورا مدركا لما نحن بصدد الحديث عنه. تجد أحد الزعماء ينظر الي سقف القاعة ،  تائها وسارحا في ملكوت الله ولا يركز فيما يقوله الاخرين،  وتجد احدهم مشغولا بقراءة الخطبة العصماء التي سيبدأ في القائها في الدور المنتظر،  تجد زعماء الفقراء يتلهفون علي العطايا التي ستلقي بها دول البترول ليس من اجل تنمية أحوال الشعوب المطحونة ، بل لتمتلئ خزاناتهم البنكية في بنوك سويسرا وامريكا اكثر وتعاني اكثر من التخمة والمال الحرام. أي عبث هذا؟

القمم الأممية يا سادة لا يجب أن تكون مثل قمتكم البائسة هذه التي تدور جلساتها علي الهواء مباشرة في الدوحة بقطر. هل شاهدتم مثل هذه الاجراءات البروتوكولية السخيفة والكلمات التي لا يعول عليها في اجتماعات الاتحاد الاوروبي مثلا؟ بالطبع لن تشاهدوا هذا فيها فهم لا تشغلهم البروتوكلات السمجة ولا الاجتماعات الشكلية،  فقط يهمهم العمل علي الارض،  وتحقيق التقدم الملموس فهم مكلفون أمام شعوبهم التي تحاسبهم علي كل دقيقة عمل ان لم تكن في الصالح العام،  ولن يقبلوا بأن يذهب من يمثلهم في جلسات تمتد لساعات وساعات دون طائل ودون نتائج تعود عليهم بالتقدم والخير والنماء.

جامعة الدول العربية لها في الزمان حوالي نصف قرن ويزيد،  هل لدي أحدكم انجاز واحد حقيقي تم التوصل اليه من خلال تنسيق الجامعة بين الدول العربية المختلفة في سبيل توحيد الجهود والوصول لانجاز عربي مشترك علي الصعيد السياسي بانشاء اتحاد عربي سياسي مثلا،  أو اقتصادي بانشاء سوق عربية مشتركة علي غرار السوق الاوروبية المشتركة،  وتوحيد عملة نقدية عربية علي غرار اليورو عملة دول الاتحاد الاوروبي،  أو علي الصعيد الرياضي حتي أو الاجتماعي أو الصحي. لن تجد بكل اسف ما يدعوك للبقاء علي طريق الامل في بزوغ فجر وليد من كيان غلبت عليه الظلمة منذ ولد يتيما بين الاباء،  وغلبت عليه المصالح وتضييع الوقت بلا طائل،  ولا تملك الا ان تقول في حق هذه القمة العربية البائسة الا ما قال الشاعر محمود درويش في احدي قصائده البديعة “دع كل ما ينهار منهارا،  ولا تقرأ عليهم أي شئ من كتابك”.

الشعوب العربية ظلت عشرات السنوات في انفصال تام عن حكامها ومازالت بكل اسف،  ولن تقوم للبلاد قائمة الا اذا التفت الشعوب حول حاكم البلاد وخادمها ليبنوا معا قواعد المجد لبلادهم،  في هذه الحالة فقط ستتوحد جهود البلاد العربية والاسلامية للعمل بشكل مشترك ومنسق وموحد. ولن يتحقق ذلك الالتفاف الا اذا عبر الحكام عن رغبات وتطلعات الشعوب وخصوصا الشباب في هذه الشعوب فهم من يرسمون المستقبل لأممهم. وحتي نصل لهذه المعادلة السهلة ولكنها غالية جدا وتتطلب كثيرا من التضحيات والدماء يجب أن تتاح لكل شعوب العالم العربي الفرصة في التمثيل الجيد في مجلس النواب،  ويجب ان يتاح لكل مواطن ان يختار الشخص الذي يمثله فيه،  ويجب ان تتوافر كيفية تداول للسلطة بشكل ديموقراطي مناسب ونزيه حتي يتنافس في صالح الشعوب كل متنافس،  وحتي يعلم كل حاكم ان مكانه مرهون برضا الناس عنه،  ولم يرث المنصب عن أبيه.

كتب علينا القدر أن نعيش في بلادنا وهي في حالة عثرة،  ولكن ولأن من يكتب لا يموت فنحن نكتب ما لدينا حتي يأتي علي بلادنا زمان يطبقون فيه ما نقول ويعملون به وبأفضل منه ووقتها ستتغير الامور ان شاء الله.

About the author



View the Original article

0 comments: