في مسألة ازدراء الاديان

on Monday, March 18, 2013

 

في مسألة ازدراء الاديان

نسمع كثيرا هذه الايام عن قانون معاداة السامية والذي شرعته بعض دول اوروبا للحد من الهجوم العنيف والانتقاد ضد اليهود وخاصة ضد كل من يشكك في صدق رواية اليهود عن محرقة النازيين لهم اثناء الحرب العالمية الثانية ومطاردتهم وتشتتيتهم. لاحقت هذه التهمة كثير من الادباء والكتاب في الغرب وكان من اشهرهم الكاتب الفرنسي المسلم روجيه جارودي بسبب كتابه “محاكمة الصهيونية الاسرائيلية” والذي ناقش فيه وشكك في مصداقية حادثة محرقة النازي لليهود وشكك في الاعداد التي تم تعذيبها وحرقها في افران الغاز والتي تذكر المصادر الصهيونية انهم كانوا ستة ملايين يهودي. وفي بلادنا العربية الاسلامية سمعنا عن تطبيق قوانين تعاقب كل انسان يزدري الاسلام. والتهمة تسمي ازدراء الاديان، وانا لا اعلم حقيقة من أين اتي المشرع لهذا القانون باللفظ “ازدراء الاديان”؟ أي اديان ؟ الله سبحانه وتعالي لم يذكر اصلا كلمة اديان هذه في القران الكريم ولم تذكر في أي حديث نبوي شريف ولا حتي ما وصلنا عن الصحابة والتابعين. الاسلام لا يعترف الا بالدين الواحد وهو ما جاء به الانبياء والرسل من الله الواحد الخالق لعباده وللكون كله. والاية تقولها صراحة “ان الدين عند الله الاسلام” والاسلام في هذه الاية مقصود به دين الله الذي اهبط الوحي به لكل رسله المكرمين، وامن به ادم ونوح وابراهيم واسماعيل واسحق ويعقوب ويوسف عليهم جميعا السلام، وهو نفسه الذي ارسل به الله ملائكته به للرسل المكرمين موسي وعيسي وسيدنا محمد صلي الله عليه وسلم خاتم النبيين والمرسلين من رب العزة.

اذن فالقانون المشرع في بلادنا ويطلق عليه “ازدراء الاديان” وتصل فيه العقوبة في بعض البلاد مثل السعودية مثلا للاعدام بالسيف وقطع الرقبة، وفي مصر لحد الاعدام شنقا يعتبر قانونا وضعيا ولا يوجد له تشريع ديني او نص مقدس صريح أو حتي سنة عن النبي صلي الله عليه وسلم ، فكان ما عرفناه عن الرسول الكريم ان تعامله مع الكافرين والرافضين حتي لدين الله وصرف الله قلوبهم عنه ان التعامل كان نسبيا جدا واختلف حسب المواقف وتوقيتها، ولذلك فالامر دنيوي وكان يجب علي المشرعين ان يقولوا بذلك ولكن نصبوا انفسهم حاكمين باسم الدين ولم يقل الدين بذلك ابدا، فقد قال الله في محكم اياته “ان الله يدافع عن الذين امنوا” ولم يقل عكسها بأن المسلمون مثلا يدافعون عن الله عز وجل. المسلم الحق قد يدافع ويجاهد في سبيل الله من يتعدي ومن يفسد أما غير ذلك فقد نهانا الله عنه وقال “ولا تعتدوا ان الله لا يحب المعتدين” صدق الله العظيم.

ازدراء الاديان يا سادة تهمة خطيرة وشديدة السخف ولا تليق بمجتمع مسلم ناضج قوي، واهله من المؤمنين بحق وليسوا مدعين للتدين ، ولا يهتمون بظاهر الامور بل بعمقها واصلها وفصلها. ازدراء الاديان في احسن الاحوال شئ يراد به الباطل، يستخدم هذا القانون سلطات جائرة لقمع المعارضين. يخرسوا به الالسنة التي تقول كلمة الحق والصدق في وجه السلطان الجائر. يقول اهل السلطة نحن خلفاء الله في هذه الارض ونحن من يحمل لواء المشروع الاسلامي ونحكم به وبذلك يقولون بأن من يخالفهم لا يخالف سياستهم ومنهجهم السياسي والتطبيقي بل يخالف الاسلام فيجوز بذلك قمع المعارضين وتكفيرهم والتنكيل بهم.

About the author



View the Original article

0 comments: