عن أنس رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: “اطلبوا الخير دهركم كله، وتعرضوا لنفحات رحمة الله، فإن لله نفحات من رحمته يصيب بها من يشاء من عباده” صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم. فلربنا سبحانه وتعالى في أيام دهرنا نفحات وبركات لتذكير الغافل عن ذكره والغافل عن دينه والغافل عن الآخرة، وتلك النفحات تذكرنا إذا نسينا وتوقظنا إذا غفلنا. ولقد خص الله شهر رمضان بالفضل على سائر الشهور، وجعل صيامه أحد أركان الإسلام، وأنزل فيه كلامه خير الكلام. ولشهر رمضان خاصتا حلاوة في القلب، لما حوى من الفضائل وكريم الخصال والأعمال، فهو شهر لا تحصى فضائله، ولا تستقصى شمائله. إن رمضان شهر الرحمة والغفران ونزول القرآن، منة من الله ورحمة على أمة سيد الأنام، أمة هي خير الأمم، ورسولها هو خير الرسل، وكتابها هو خير الكتب.
وهنيئا لك أمة الإسلام بشهر رمضان، فقد مر الآن أكثر من نصف شهر رمضان وعلينا نحن الراغبين في الخير والساعين لرضوان الله عز وجل والجنة أن نجتهد فيما بقي منه. فقد أتى رمضان ضيفا خفيفا بعد طول غياب، فطوبى لمن استغل الشهر وأكرم نزله، ويا خيبة و حسرة من أدركه فلم يغفر له، فما أتعسه إن فتحت ابواب الجنة وغلقت أبواب النار، وصفدت الشياطين، وهو مصر على ذنبه، معرض عن ربه، حائر في دعائه وطلبه. فرمضان فرصة لا تعوض، فهو كالسوق الذي يقام وينفض، يربح فيه من يربح، ويخسر فيه من يخسر. فهذا شهر يكون دعاء الملائكة فيه: يا باغي الخير أقبل، ويا باغي الشر أقصر. وذلك كل ليلة من رمضان، فاللهم اجعلنا من الرابحين الفائزين.
أيها المسلمون الكرام، الأيام تمر سريعا وكثير من الناس في غمرة ساهون وعن ذكر ربهم معرضون، والسعيد من وفقه الله تعالى لإغتنام أيام عمره ولحظات دهره في رضا الله والتقرب منه. وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: “إذا دخل رمضان فتحت أبواب الجنة وغلقت أبواب النار، وصفدت الشياطين، ومردة الجن” صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم. وعن سهل بن سعد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ” إن في الجنة بابا يقال له باب الريان يدخل منه الصائمون يوم القيامة” صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم. فهل من ساع إلي الجنة، أبواب إلي الخير تفتح، وأبواب من الشر تغلق، والسعيد من كان حاله، كقول الله عز وجل في الكتاب العزيز: ” وعجلت إليك رب لترضى” صدق الله العظيم.
إن أبواب الخير في رمضان على مصراعيها لذوي الهمم العالية وطلاب الكمال في الدين. إن إدراك هذا الشهر العظيم والتماس الخير فيه لنعمة عظيمة يهبها الله لم اختصهم وأحبهم وعلم الخير في قلوبهم، فقد قال الله تعالى: ” إن يعلم الله في قلوبكم خيرا يؤتكم خيرا” وقال أيضا: ” ومن لم يجعل الله له نورا فما له من نور” صدق الله العظيم. فإن الصيام تهذيب وليس تعذيبا تحلية وتربية، قال تعالى ” يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر ” . شرع الله الصيام لتهذيب الجوارح وصيانتها عن الآثام والذنوب، وليس الغاية منه الجوع والعطش، لذلك يقول النبى صلى الله عليه وسلم ” ليس الصيام من الأكل الشرب إنما الصيام من اللغو والرفث ” صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم. وعن أبى هريرة رضى الله عنه أن النبى صلى الله عليه وسلم قال ” من لم يدع قول الزور والعمل به فليس لله حاجة فى أن يدع طعامه وشرابه ” صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم.
View the Original article
0 comments:
Post a Comment