هل ينتظر مصر صيف ساخن؟

on Thursday, March 7, 2013

منذ يومين كنت اتابع احد البرامج فيها حوار مهم من وجهة نظري مع احد اهم المحللين السياسيين في مصر وهو استاذ العلوم السياسية بالجامعة الامريكية بالقاهرة عز الدين شكري. وهو بالاضافة الي ذلك كاتب وروائي رشحت روايته “عناق علي جسر بروكلين” للقائمة القصيرة لجائزة البوكر العالمية للرواية العربية. وحققت روايته الاخيرة المثيرة للجدل “باب الخروج” نجاحا واسعا في مصر بسبب انها رواية تخيلية لحال مصر منذ العام 2010 قبل ثورة يناير 2011 وحتي العام 2020 ويرسم فيها الكاتب بحنكة ومهارة تطور وتصاعد الاحداث بحس السياسي الفاهم والمحلل للمعطيات بشكل في غاية الدقة واستنتج منها الاحداث المتوقع حدوثها مستقبلا ، وما زاد الاهتمام بالرواية ان بعض الاحداث التي حدثت بعد صدورها كانت تتشابه بشكل قريب جدا مع ما ذكره هو في سرده الروائي وكأنه هو المخطط له. فاهتمت وسائل الاعلام بالحصول دائما علي تحليله السياسي للحال المصري من فترة لاخري نظرا للمصداقية التي اكتسبها وخاصة بعد روايته الاخيرة.

وكان في الحقيقة حوارا ممتعا واستفدت منه كثيرا لأن تشخيص الحال المصري الان في منتهي الصعوبة ولا يستطيع المتابع غير المتخصص ان يصل لتوصيف حقيقي لما نحن عليه وبالتالي سيقرأ المشهد السياسي بشكل خاطئ ويبني توقعاته بشكل غير حقيقي. وبالتالي لو كانت المستشارون في قصر الرئاسة ليسوا علي المستوي المطلوب فهذا في الغالب ما يحدث حيث لا يستطيعون تحقيق التحليل السياسي المناسب والحقيقي ويقدمون رؤية مشوشة لمن بيده القرار ويقدمون له الحقيقة محرفة وغير كاملة.

خلاصة الحوار مع الاستاذ عز الدين شكري تتركز علي ثلاثة سيناريوهات يراها من وجهة نظره من السيناريوهات المحتملة لوضع مصر في الفترة القادمة. الاحتمال الاول هو ان تتمكن جماعة الاخوان من اخونة الدولة وتحكم سيطرتها علي مقاليد الحكم وتبسط علي الشعب المصري حكما استبداديا بدافع تطبيق الشريعة وهذا في رأيه سيكون اختيار ساذج وانتحار سياسي لجماعة الاخوان وسيجر خلفه في التأثير كل جماعات الاسلام السياسي حيث سيلفظ هذا النظام وهذا الاتجاه كله كل جموع الشعب المصري الذين لن يتقبلوا الاسلام الوهابي الذي تقوده جماعات الاسلام السياسي في مصر حاليا خاصة عند وصول الاخوان لمرحلة تمكين وبسط افكارهم التي ستخالف طبيعة الشعب المصري الوسطي غير المتشدد. ويري عز الدين شكري ان دور الشعب هنا سيكون هو الاساسي والجيش سيكون داعما لثورة الشعب في حالة وجود ثورة عارمة وليس افعال ثورية محدودة.

الاحتمال الثاني او السيناريو الثاني هو ان تستفحل الامور كما هي الان وتزداد حالة الاحتقان ويظل الاخوان في غرورهم وتسلطهم بلا رجعة ولا يتعلمون من درس مبارك، ولا يراجعون مواقفهم ويحتسبون لخطواتهم المستقبلية واقصوا المعارضين واستمروا في احراج المعارضة بالدعوة لحوارات اعلامية ديكورية مفرغة من مضمونها ومحكوم عليها بالفشل قبل ان تبدأ ، وتكون نهاية هذا الطريق رفع الدعم الامريكي للاخوان وعدم وجود اي غطاء سياسي لوجودهم واستمرارهم طالما لم يستطيعوا تحقيق استقرار حقيقي لمصر وحماية حقيقية لمصالح الولايات المتحدة في المنطقة ، ويتبع ذلك فورا حالة فوضي وغضب شعبي ويسبقها الجيش بالتدخل مرة اخري مثلما فعل في الضغط علي مبارك ليتنحي. ولكن ما سيحدث بعد ذلك يعود لاستيعاب قيادات الجيش لطبيعة المرحلة وضرورة الوصول لصيغة اخري غير حكمهم المنفرد مثلما فعلوا واجرموا في حق الشعب في الفترة الانتقالية الماضية.

الاحتمال الثالث هو سيناريو تفاؤلي يتطلب تفاهم علي اعلي مستوي من قيادات المعارضة والجيش والسلطة الحاكمة. يتلخص في اجتماع يجمع الاطراف كلها ووضع خطوط عريضة لمبادئ وخطوط حمراء ينبغي علي الجميع عدم تجاوزها تشمل كل ما يحافظ علي امن مصر القومي مثل قناة السويس، والجيش، وعدم تسييس الجيش والداخلية بأي صبغة سياسية، والتعليم والقضاء.  في النهاية ليس امامنا الا الانتظار وفي توقعي ان الصيف القادم سيحسم امور كثيرة.

About the author



View the Original article

0 comments: