هذه القصة هي لشاب مسلم يدعى يوشع إيفانس، أو جوشوا إيفانس قبل الإسلام، ولد هذا الشاب في جرين لاند في جنوب كارولينا، ونشأ في أسرة محافظة للغاية، واعتاد الذهاب إلى الكنيسة باستمرار في صغره، ثم أصبح قساً للشباب في شبابه، واشتغل بالوعظ وتوضيح تعاليم المسيحية للشباب، ثم بدأت تتجلى له العديد من الأمور المحيرة، والتي كانت سبباً في بحوثه الدينية حتى اهتدى إلى الإسلام بعد رحلة بحث طويلة.
يبدأ الشاب يوشع بسرد قصة إسلامه في محاضرته الشهيرة “كيف قادني الإنجيل إلى الإسلام” قائلاً “نشأت في أسرة محافظة، وتربيت على يد جدي وجدتي، لأن أمي قد تركتني في سن مبكرة وعمل أبي في وظيفتين، فكنت أعيش مع جدي وجدتي طوال اليوم، وقد كان جديّ مسيحيين محافظين للغاية، وقد تجلى ذلك في كل أفكارهما وسلوكياتهما، كما كانا على قدر كبير من التدين حيث ذهبنا إلى الكنيسة في أيام الآحاد صباحاً ومساءً، كما ذهبنا إلى الكنيسة في أيام الأربعاء أيضاً، وفي المسيحية يعد ذلك تديناً مفرطاً، ومما سهل علينا ذلك أن الكنيسة كانت تبعد عن المنزل بمنزلين فقط، وقد كرهت الكنيسة حينها لأننا كنا نتبع الطائفة الماثودية المتحدة، وهي طائفة متشددة للغاية، ولا يسمح هناك بالحديث بصوتٍ عال أو ما شابه، وكل ما عليك فعله هو الاستماع للواعظ ثم الوقوف لتلاوة الترانيم، ثم الاستماع للواعظ ثم الوقوف لتلاوة الترانيم وهكذا، وأثناء ذلك عليّ الجلوس على تلك الكراسي الخشبية الصلبة، وقد اعتدت حينها على اللعب بالنقود التي كانت تعطيها لي جدتي لأضعها في صندوق الصدقات، وهذا هو كل ما أذكره عن الكنيسة في فترة طفولتي”.
ثم يستكمل يوشع قائلاً “ولكن الأمر الذي أحببته في الكنيسة هو مدرسة الأحد، حيث كنا نرسم الرسوم الجميلة كسفينة نوح وعبور موسى للبحر وما إلى ذلك، كما كنا نتعلم قصص الأنبياء كقصة خروج موسى وبني اسرائيل من مصر، وحادثة انشقاق البحر، وقصة سفينة نوح، وقصة داوود وجالوت، كنا نتعلم كل تلك القصص الرائعة في مدرسة الأحد، وقد كانت تلك القصص هي مصدر معلوماتي عن المسيحية كطفل صغير، لأنني لم أستمع أبداً لما يقوله الواعظ”.
ثم ينتقل يوشع بالحديث عن تقاليد بيت جدته وجدته قائلاً “ودعوني أوضح لكم مدى المحافظة التي كانت في بيت جدي وجدتي، فعندما بلغت الثانية أو الثالثة عشر وبدأت ألتفت للجنس الآخر، لم يكن مسموحاً لي أن أستقبل أية فتاة إلا بموافقة مسبقة من جدتي، كما كان علينا تقضية الوقت جالسين في غرفة الجلوس الرسمية، حيث يمكن لجدتي رؤيتنا من المطبخ، كان هذا هو الحال في المنزل الذي كنت أعيش فيه، فقد كانا صارمين للغاية، رغم أنهما حسنين المعشر.
وفي ذالك الوقت، حين كنت بعمر الثالثة والرابعة عشر، بدأت في المشاركة في الأنشطة الكنسية أيام السبت، وهي الأنشطة المخصصة للشباب من سن الثانية عشر فأكثر، وقد كانت تلك الأنشطة مختلفة تماماً عن الكنيسة، فقد كانت لدينا صالة للألعاب الرياضية، كما كنا نلعب كرة السلة، والكرة الطائرة، وكرة المراوغة (دودج بول)، وغيرها من الرياضات الأخرى، كما كنا نأكل البيتزا والكعك والحلوى وغيرها من الأطعمة المحببة للأطفال، وفي النهاية يأتي قس الشباب، والذي كان جاراً لي، ولكن عندما كنت أنا بسن الرابعة عشر كان هو في السابعة عشر من عمره، وكان يجلس معنا ويعظنا لمدة نصف ساعة، حيث يحدثنا عن المسيحية وعن الله، وقد كانت تلك هي البرامج المعتادة لأنشطة الشباب.
ومن خلال تلك الأنشطة تعرفت على الكثير من الشباب الآخرين المشتركين في أنشطة مسيحية أخرى وذهبت معهم إلى أماكن مختلفة وتعلمت الكثير عن المسيحية، تلك هي المرحلة التي بدأت أحب فيها المسيحية بالفعل، فلم أعد أشعر أنها أمراً مفروضاً عليّ كما كنت أشعر سابقاً”.
ثم يكمل يوسع قصته قائلاً “عندما بلغت الخامسة عشر من عمري، التحقت بالمدرسة الثانوية، وكان صديقي الذي يعمل كقس للشباب في الكنيسة يدرس في السنة الأخيرة في نفس المدرسة، وقد كانت علاقتي به جيدة للغاية، كما كانت لديه رخصة قيادة، واعتدت أن أذهب معه إلى المدرسة بسيارته، فقد كانت لديه سيارة موستنج 67 جديدة، والتي كنت معجباً بها كثيراً في ذلك الوقت، كما كنا نتشابه في ظروفنا العائلية، لذا كنا نقضي الكثير من الوقت معاً، وعندما أصبحت في الصف الثاني كان هو قد التحق بجامعة بوب جونز، وهي إحدى الجامعات المسيحية المرموقة والمحافظة للغاية في جرينفل في جنوب كارولينا، وأظن أنها أكثر جامعة محافظة على الإطلاق، فلا يسمح بتحدث الرجال مع النساء في غرف مغلقة، كما كان على الرجال ارتداء القمصان ذات الأزرار مع البناطيل الفضفاضة، أما النساء فعليهن بارتداء التنورات الطويلة والفضفاضة مع قمصان بأكمام طويلة، ولا يسمح لهم بارتداء البناطيل، كما لا يسمح بحفلات الرقص وشرب الخمر، كانت تلك هي الضوابط المفروضة على الجميع في جامعة بوب جونز، وقد التحق صديقي بتلك الجامعة، وتخصص في النقد النصي للكتب المقدس، وباختصار شديد فإن هذا العلم يختص بنقد كل المخطوطات القديمة للكتاب المقدس، فقد كان على الدارس له أن يتعلم اللغات العبرية واليونانية والآرامية واللاتينية، فهذه هي اللغات التي قد كتبت بها تلك المخطوطات القديمة، كما عليه أن يدرس أماكن العثور على تلك المخطوطات، وأسباب وجود اختلافات بين نفس الفقرة في كل مخطوطة، حيث يمكن أن يوجد للفقرة الواحدة أكثر من خمسة آلاف نص مختلف موزعة بين كل تلك اللغات، وعلى الناقد أن يبحث في ذلك كله في محاولة لكشف أسباب اختلاف الروايات، ثم يحدد أي منها هو النص الأصلي، وهذه هي ليست بالمهمة السهلة على الإطلاق.
ثم بدأت أنا أيضاً بالدراسة مع صديقي في هذا المجال، فكنت أشاركه في عمل الواجبات المنزلية والأبحاث، وبدأت أتعلم القليل من اليونانية والعبرية، وهكذا أصبحت ناقداً مبتدئاً، وبدأت بتقديم أوراقي في جامعة بوب جونز تمهيداً لالتحاقي بها بعد الانتهاء من الثانوية.
وعندما بلغت السادسة عشر من عمري، جائني صديقي ذات يوم ثم سألني “هل قرأت الإنجيل يوماً؟” فقلت له “ماذا تعني؟ نحن نقرأ الإنجيل دائماً في الكنيسة، حيث يجعلنا القسيس نفتح الإنجيل ونقرأ منه” فقال لكي “كلا، ليس هذا ما أعنيه، أنا أعني هل قرأت الإنجيل كما نقرأ أياً من الكتب؟ أي أن تبدأ بالصفحة الأولى حتى تصل للصفحة الأخيرة؟” فقلت له “لا، ولا أظن أن هناك أحداً قد قرأه بأكمله”، فقال لي “ولكن هذا هو كلام الله الذي أرسله للناس، وهو ما ندعو الناس إليه باستمرار، وأظن أنه من الواجب علينا قراءته، أليس كذلك؟” فقلت له “نعم، أظن أنك على حق”.
وهكذا بدأنا أنا وصديقي في قراءة الكتاب المقدس من بداية سفر التكوين، وقد كان لدي بالفعل الكثير من وقت الفراغ، وعندما بدأنا القراءة، قررنا أن نترك جانباً كل ما تعلمناه عن المسيحية، وأن نقرأ الكتاب كما لو كنا قد وجدناه في الصحراء وننظر إلى ما يقوله.
خلال قراءتي في الكتاب المقدس، بدأت أرى قصص الأنبياء التي كنا نتعلمها في مدارس الآحاد، ففي سفر التكوين قرأت قصة آدم وحواء، وفي سفر التثنية والخروج قرأت قصة موسى عليه السلام، ثم قرأت قصص نوح ولوط وإبراهيم عليهم السلام، وكل القصص التي أعلمهما، ولكني صُدمت عندما وجدت بعض القصص التي وصفت تلك الشخصيات بطريقة مختلفة عما تعلمته في مدارس الآحاد، وبالمناسبة فما سأرويه لكم الآن هو من أكبر الدلائل على أن الله قد أتم الدين باستخدام القرآن.
عندما تقرؤون قصة نوح عليه السلام ستجدون قصة بناء السفينة وإنقاذ البشرية وما إلى ذلك، ولكن هناك جانباً آخر من قصة نوح لا يعلمها المسيحيون إلا عند قراءة الكتاب المقدس، فلا أحد من القساوسة والكهنة يذكر ذلك الجانب على الإطلاق، هذا الجانب هو أن نوح عليه السلام كان من مدمني الخمر، هذا هو وصف الكتاب المقدس لصورة نوح!
إن التخصص الأساسي في دراستي هو علم النفس، وتحديداً قسم الأمراض العقلية، و إدمان الخمر على وجه التحديد هو أحد تلك الأمراض العقلية، ومن خلال تعاملي المباشر مع مدمني الخمر، رأيت أن الشخص الذي أدمن الخمر لمدة طويلة، لا يمكنه تقليب البرجر في ماكدونالدز لبضع ساعات فقط، ناهيك عن بناء سفينة لإنقاذ البشرية من طوفان لا مثيل له، وقد توقفت كثيراً عند هذا الأمر، وقلت لنفسي إذا كان نوحاً مدمناً للخمر، فكيف علم أنه يوحى إليه من عند الله؟ لأنني قد رأيت من قبل أحد المشردين الذين ينامون في أطباق إطعام الكلاب ويسيل لعابهم، ثم يستيقظ ليخبرني أن الله قد أوحى إليه! ماذا لو قابلت أحد هؤلاء الأشخاص وأخبرك أن الله يوحي إليه؟ هل ستصدقه؟ إن إدمان الخمر يُفقد المرء مصداقيته.
ثم قررت أن أتجاوز هذا الأمر وأكمل قرائتي، لأن هناك أمراً ما في المسيحية دائماً ما يُطلب منك تجنبه، وسأخبركم به بعد قليل، ثم بدأت بقراءة قصة لوط عليه السلام، كلنا نعلم قصة سدوم وعمورا (قرى قوم لوط)، ولكن هناك قصة أخرى في الكتاب المقدس عن لوط وابنتيه، تلك القصة تروي أن ابنتا لوط أسقيتا أباهما الخمر حتى سكر، ثم أغروه ليزني بهما (أعوذ بالله)، هذه هي صورة الأنبياء في الكتاب المقدس، هذه هي قصة نبي الله لوط الذي أنقذ أهله من سدوم وعمورا، لذا فقد تأثرت بذلك أيضاً، ثم بدأت أرى الكثير من القصص المشابهة وكأنها أمر مألوف في الكتاب المقدس، ثم بدأت أمرر الكثير من الأمور التي لا طائل منها حتى أصل بسرعة لقصص الأنبياء وأرى ما فيها، ووجدت أن هناك الكثير من القصص في الكتاب المقدس لا تصلح لمن هم دون الثامنة عشر، فأنت تحتاج للتحقق من هوية الشخص ومعرفة عمره قبل أن تقرأ عليه تلك القصص، ومن أكثر تلك القصص التي قد أثرت في نفسي، هي تلك القصة التي كانت أحب القصص إليّ في الكتاب المقدس، وهي قصة داوود وجالوت، فقد كانت تصف داوود عليه السلام بأنه ليس من ضخام الجسم، فيما كان جالوت من أكثر الرجال ضخامة، وتصف الكثير من المعاني في التغلب على الصعاب، ووجدت الكثير من القصص الجيدة لداوود عليه السلام في الكتاب المقدس، ولكن أصابتني إحدى تلك القصص بصدمة كبيرة، حيث تدور تلك القصة حول ثلاثة أشخاص، وهم داوود عليه السلام، وبثشيبع بنت اليعام، وأوريا الحثي، وتقول القصة أن داوود عليه السلام قد رأى بثشيبع وهي تغتسل، وكانت من أجمل نساء قومها، وكانت متزوجة لأحد قادة جيشه واسمه أوريا الحثي، ولم يستطع داوود أن يقاوم جمال تلك المرأة فزنا بها، ولم يقتصر الأمر على ذلك، بل حاول أن يغطي على جريمته فأرسل خطاباً لقائد الجيش يأمره فيه أنه عندما يشتد القتال فليتراجع الجميع وراء أوريا الحثي ويتركوه يُضرب حتى يموت، وبالتالي يحصل داوود على بثشيبع ولا ضرر ولا ضرار.
إذاً ها قد تحول داوود عليه السلام أيضاً من كونه بطلاً قد هزم جالوت إلى زاني ومتآمر وقاتل، وهنا قررت بالفعل أن أتوقف، فهناك خطأ ما ولابد أن أستوضحه، فأنا كنت أتصور أنبياء الله كنماذج جيده يحتذى بها، وأنهم من المفترض أن يكونوا قدوة لباقي البشر، ومن ثم نتبعهم ونهتدي بهم، لكنني أراهم الآن مشابهين تماماً للأسماء المدرجة في قائمة المطلوب القبض عليهم وتسليمهم للعدالة، فقد أربكت قصة داوود تفكيري بشكل عنيف، فحتى وإن كان داوود قد قتل جالوت، فهو أيضاً قد قتل أوريا ليغطي على جريمة الزنا مع زوجته، وهنا فعلت ما يُطلب منك دائماً في المسيحية ألا تفعله، قررت أن أستفسر وأطلب أجوبة على أسئلتي، فلا يُسمح لنا في المسيحية بطرح الأسئلة وبخاصة حول تلك الأمور، ولكني ذهبت إلى القس وسألته “ما هذا الذي أراه في الكتاب المقدس، هناك الكثير من القصص المسيئة، فما الذي يجري هنا” وأذكر أنه أخبرني ذات الإجابة التي تلقيتها من كل قس تحدثت إليه بخصوص تلك الأمور، دائماً ما كنت أتلقى تلك الإجابة وكأنها معدة ومبرمجة مسبقاً للرد على من يحاول أن يستفسر، فقد وضع يده على كتفي وقال لي “أخي جاشوا، لا تدع المعرفة تحطم إيمانك، لأن هذه الأمور لا يتم تقييمها بالمعرفة، وإنما يتم تقييمها بالإيمان”.
ويستكمل يوشع حديثه قائلاً “ثم حاول اقناعي مستخدماً بعض العبارات كأن يذكر لي كيف أن بولس قد اكتفى وسلم بإيمانه بالمسيح، وأخذ في سرد تلك الآيات التي يذكرها جميع القساوسة عند سؤالهم مثل تلك الأسئلة، ولكني لم أقتنع بما قاله فقال لي “حسناً ما تقرأه هو العهد القديم، وهو الميثاق الخاص ببني اسرائيل، وهم أناس مختلفون عنا تماماً، لم لا تقرأ العهد الجديد والذي هو عبارة عن الميثاق الجديد المرسل مع المسيح، وأعدك أن ترى الأمور قد تغيرت للأفضل” فقلت لنفسي هذا جيد، ومررت سريعاً على ما تبقى من العهد القديم حتى وصلت إلى سفر ملاخي، وهو آخر أسفار العهد القديم، لأبدأ بسرعة في العهد الجديد، ولكن كانت هناك عدة أمور كنت قد تعلمتها من العهد القديم عندما انتهيت منه، وقد أخذتها في الاعتبار عندما بدأت في قراءة العهد الجديد، الأمر الأول الذي تعلمته هو أن الله واحد لا مثيل له، وهذا أمر قد ذُكر مراراً وتكراراً في العهد القديم، كما أنه يهتم بعبادته اهتماماً كبيراً، ففي كل مرة يحيد بنو اسرائيل عن عبادته، كان يعاقبهم ويشدد عليهم في الفرائض، وقد تعلمت من العهد القديم أن تشديد العقوبة كان لإصلاح بني إسرائيل وتذكيرهم بالله.
ثم بدأت في قراءة العهد الجديد (متى، مرقص، لوقا، يوحنا)، وعندما بدأت في القراءة اعتقدت أن الإنجيل هو كأي كتاب نراه في أي مكتبة، والذي يبدأ بنبذه عن الكاتب، ولكن عندما نظرت لكل الكتب المجمعة في الإنجيل، وجدت أنها لها عنوان، وليس لها كاتب، فالكاتب مجهول، أو أن الكاتب (قد) يكون فلان ابن فلان، أو أن (هناك تخمينات) بأن فلان هو من كتبه، فعلى سبيل المثال هناك (اعتقاد) أن موسى هو من كتب سفر الخروج، ولكن عندما تقرأ سفر الخروج تجد أنه من المستحيل أن يكون موسى قد كتب الكتاب كاملاً، لأنك في آخر جزء من سفر الخروج ستجد الحديث عن موت موسى ودفنه وتسلم يوشع من بعده القيادة لبني اسرائيل، وهكذا في الأناجيل الأربعة، لا أحد يعلم هوية متى، أو لوقا، أو أي من كتبة الأناجيل، ولا يمكن لأحد من علماء الإنجيل أن يؤكد لك هوية الكتبة، فكل المعلومات المتاحة عنهم هي معلومات تخمينية.
ولكني بدأت بالقراءة على أي حال، وبدأت ألاحظ أشياء عن تعاليم المسيح، والتي كانت تختلف تماماً عما تعلمته في الكنيسة، فعندما يتكلم المسيح، فهو يتكلم عن طبيعة الله، والتي تتطابق مع طبيعة الله في العهد القديم، فقد كرر المسيح عدة مرات أن الله واحد أحد، بل كان يردد آيات من العهد القديم والتي تؤكد هذا المعنى، وعندما سُأل المسيح عن الوصية الأكثر أهمية قال “أحب الرب إلهك بكل قلبك وكل نفسك وكل ذهنك، ثم أحب جارك كما تحب نفسك” وهذا الأمر ليس مستغرباً عندنا كمسلمين، ففي الإسلام علينا حق للخالق وحق للمخلوق، كما كان واضحاً أيضاً في تعاليم المسيح ما ذكره في إنجيل يوحنا الإصحاح السابع عشر “الحياة الأبدية هي أن يعرفوك أنت الإله الحق وحدك، ويعرفوا الذي أرسلته يسوع المسيح”، وإذا نظرت إلى نص تلك العبارة باليونانية والآرامية تجده قريباً للغاية من عبارة لا إله إلا الله محمد رسول الله، كما وجدت أيضاً أن المسيح قد تحدث عن الخلاص، والخلاص الذي تحدث عنه هو من خلال طاعة الله وإتباع الوصايا، وهكذا فإن التصور الذي فهمته من كلام المسيح عن الله هو نفسه ما فهمته من العهد القديم، وبالطبع كانت هناك بعض العبارات مثل الابن المولود لله، ولكن كان واضحاً أنها لا تتفق مع السياق، لذا فقد وضعتها جانباً.
ثم قلت في نفسي، ليس هذا ما تعلمته عن المسيحية، فما تعلمناه هو أن الله ثالث ثلاثة، الآب والابن والروح القدس، ثم موت المسيح على الصليب لتكفير خطيئة آدم، كما أن هناك أمراً آخر قد توصلت إليه من العهد القديم، وهو أمر لم أتوصل إليه إلا بعد أن أسلمت وربطت بين الإسلام والعهد القديم، فقد كنت أود أن أعلم سبب إصرار بنو إسرائيل على صلب المسيح ولمَ لم يحاولوا أن يقتلوه فحسب، فقد كان ضعيفاً ولم يبدو أن له قبيلة أو عشيرة تأخذ بثأره مثل العرب، فلمَ كانوا صارمين وعازمين على جعل الحاكم الروماني البنطي يصادق على قتله بهذه العقوبة، وقد فهمت الآن الأمر، فقد كانت للمسيح مهمة محددة وهي إبلاغ كلمة الله، ويكاد بولس نفسه يخبرنا في رسالته إلى غلاطية عن سبب إصرار اليهود على صلب المسيح، فهو يوضح أن الصلب يعني اللعنة، فوقفاً لتعاليم العهد القديم أنه من تم صلبه فقد ارتكب ذنباً عظيماً يستوجب أن يكون ملعوناً، هذا هو جزء من شريعتهم، وإذا دفنوا أحد المصلوبين في أي بقعة من الأرض، صارت تلك الأرض ملعونة هي أيضاً، وهكذا بدأت أجمع الخيوط مع بعضها، فهم لم يريدوا قتل المسيح لأنه كان بمقدورهم قتله بكل سهولة، بل أرادوا أن يمحقوا مصداقيته، هذا هو مرادهم، إبطال رسالة المسيح، لهذا السبب تحديداً نجاهُ الله من الصلب، ولهذا دعا المسيح ربه أن ينجيه من الصلب، لأنه يعلم تأثير ذلك على رسالته.
ثم وصلت لسفر أعمال الرسل، وبدأت في قراءة رسائل بولس الرسول، ثم وجدت الأمور تنقلب رأساً على عقب، وتسير عكس اتجاه تعاليم المسيحية تماماً، فانقلب الوضع من طاعة الله وعبادته، إلى عبادة المسيح وإلغاء الشريعة بالكامل، فقد كتب بولس لغلاطيه “لم لا تزالون تتبعون هذه الشريعة الملعونة؟” وأن المسيح قد لُعن ليزيل عنا آثار هذه اللعنة، في حين أن المسيح نفسه قد حذر من عدم اتباع الوصايا وتعاليم الشريعة، فبدأت أتسائل ” ما الذي يجري هنا؟”.
ذهب يوشع إلى القسيس ليطرح عليه تساؤلاته، ويحكي يوشع قائلاً “عندما سألت القسيس عن تساؤلاتي، أخبرني أنني بدأت أقع في مشكلة حقيقية لأنني بدأت أستفسر عن العهد الجديد، كما ظن أنني ممسوس أو ما شابه.
لقد كان بداخلي صراع عنيف، فأخذني صديقي إلى أستاذه في النقد النصي، وربما أن ما قاله لي هذا الرجل هو من أهم الأسباب التي حطمت عقيدتي المسيحية، ودائماً ما أقول لا أظن أن هذا الأستاذ سيكون سعيداً إن علم أنني أجول العالم لأخبر الناس أن أستاذاً من جامعة بوب جونز كان سبباً في تحطيم عقيدتي المسيحية، لكن هذا هو ما حدث، لأنني عندما سألته عن كل تلك التناقضات، وقلت له أن هناك الكثير من التناقضات في العهد القديم، وإذا درست العبرية القديمة وبدأت بقراءة التوراة ستجد أن هناك أجزاءً منها قد كتبت بلغة عبرية راقية للغاية، ثم تجدها بعد عدة فصول قد تبدلت لتبدو وكأنها لغة طفل صغير متعجل في كتابته، كما وتصبح عامية ودارجة للغاية، ويمكنك بكل سهولة أن تدرك أن هناك أكثر من كاتب واحد، لهذا بدأت أسأل حول كل تلك الأمور، فقل لي “ما لديك هنا هو كتاب قد كتبه الإنسان طوال عدة قرون متتالية، وقد بدأ هذا الكتب بنسخة أصلية، والتي تم نسخها مراراً وتكراراً، وقد أضاف بعض الأشخاص الكثير من الأخطاء أثناء النسخ، ثم جاء البعض الآخر فصحح أخطاء الأولين وأضاف أشياءً من عنده، ثم جاء بعد ذلك من نسخ بعض السطور وترك بعضاً منها، كما أتى من أضاف إليها سطوراً لم تكن موجودة من قبل، وقد أخذ بعضهم نسخته إلى بلده حيث تم شطب بعض الكلمات وإضافة البعض الآخر حتى تتلاءم النسخة مع طبيعة وعقيدة تلك البلد، وبعد كل تلك السنين، أصبح لديك كتاباً هو عبارة عن محصلة لكل ذلك، أي أن لديك كتاباً لا يرقى لمرتبة الكمال، ولا يمكن إثبات صحته إلا من خلال الإيمان” هذا هو بالضبط ما أخبرني به ذلك الأستاذ، أن هذا الكتب لا يمكن إثبات صحته إلا من خلال الإيمان، ولا يمكن إثبات صحته من خلال النقد والتتبع النصي، وأن أولئك الذين يؤمنون به، لا يستندون في ذلك إلا إلى إيمانهم فقط.
وهكذا وجدت نفسي قد عدت إلى موضوع الإيمان مرة أخرى، ولكني كنت أقول لنفسي لقد وهبني الله العقل لسبب ما، ولو لم يرد مني استعماله لأزاله عني وأبدلني مكانه إيماناً، لذا وجدت أنه لا يمكنني أن أؤمن بذلك، لقد علمونا أن هذا هو كلام الله، ثم يخبروني الآن أنه كتاب ملئ بالأخطاء ولا تثبت صحته إلا من خلال الإيمان!
لقد بدا لي ذلك كأنما قد جاءني شخص ما بسيارة داتسون موديل 1982 ثم قال لي “عليك أن تؤمن أن تلك السيارة هي مرسيدس” وهذا بالطبع كلام لا معنى له، لا يمكنك الذهاب لتجار السيارات لتخبره أنك إن نظرت إليها جيداً وكان إيمانك صادقاً فستجد أنها مرسيدس.
وهكذا قلت لنفسي أن هذا هو كتاب ملئ بالأخطاء، وإن كان هذا هو دين الله الحق فلابد أن يكون كتابه كاملاً ولا يحتمل الخطأ، لذا فقد تركت المسيحية تماماً، لكني كنت قد تعلمت بعض المفاهيم من الكتاب المقدس، وهي أن الله واحد ولا شك عندي في ذلك، كما أنني لا أحتاج إلى وسيط بيني وبين الله، ولكني لم أكن أعلم الكثير عن أنبياء الله في ذلك الحين، كما كانت عندي الكثير من الشكوك حولهم، لذا فقد بدأت أبحث في بقية الأديان الأخرى، فرجعت لليهودية ودرستها، ولكني وجدت الأمور متشابهة هناك، فقد حرف اليهود شريعتهم وأهملوا الروحانيات، ثم درست البوذية والهندوسية والطاوية والكونفوشيوسية والوكين والبوشيدو، وكل ما وقعت عليه يداي من ديانات أو أيدولوجيات، ولكني كنت أهتم قبل أي شيء بالتحقق من الكتاب المقدس لكل ديانه، لأن ما توصلت إليه خلال تجربتي السابقة، أنه إذا كان هناك دين حق، فلابد أن عليه دليلاً ملموساً يثبت صحته، فأنا لم أعد أود سماع المزيد عن الإيمان الأعمى وما إلى ذلك، فقد استمعت إلى ذلك طوال حياتي، حتى وصل بي الأمر إلى أن أقود سيارة داتسون 1982 معتقداً أنها مرسيدس.
وهكذا قد قرأت التوراة، والبجافاد جيتا (كتاب الهندوس)، ورسائل طاو، وكتاب البوشيدو، وكتاب الويكن في الروح والتعويذات وما شابهها من أمور السحر، قرأت كل تلك الكتب ووجدت شيئاً مشتركاً بينها، وهو أن لديهم نفس التعاليم الفلسفية الموجودة في كتب الأديان السماوية، وأن جميعهم يتحدث عن طبيعة الله، كما يميل أغلبهم للوحدانية وأن الله قد بعث فينا رسلاً لإرشادنا، لكن لأكون أميناً معكم، وجدت فيها الكثير من الترهات التي لا يمكن للعقل أن يهضمها أو أن يؤمن بها.
لذا فعندما بلغت السابعة عشر من عمري، أوقفت بحثي عن الله، وكنت أحدث ربي وأقول ها أنا ذا أبحث عنك ولا أجد العون منك، ثم بدأت أزج بنفسي في الكثير من المشاكل والمآزق، وأعيش حياة الحفلات والملاهي، وحفلات احتساء الخمر، كما افتعلت الكثير من المشاكل في مدرستي حتى تم طردي منها، وذهبت إلى مدرسة أخرى حيث قبض علي هناك بسبب العراك أيضاً، ولكن هناك حادثتان هامتان أوقفتاني عن هذا التدهور السريع في حياتي، وأظن أن ذاك التدهور لو كان استمر أكثر من ذلك لكان انتهى بي الأمر إما بقتل شخص ما أو بموتي أنا.
الحادثة الأولى هي حادث سيارة تعرضت له في ذلك الوقت، حيث كنا أنا وصديقي في طريق عودتنا من حفلة طلابية في جامعة كونسنن، وكنا نقود من ثلاث لخمس ساعات باتجاه جنوب كارولينا، وقد قاد هو السيارة وكان كلانا مخموراً حينها، ثم استغرقت في النوم في الكرسي المجاور له، وكل ما أذكره أنني استيقظت على اهتزاز السيارة وهناك صف من الأشجار أمامي ورصيف يأتي قبالة وجهي، ثم تحطم زجاج السيارة وانقلبت السيارة هناك، ثم اصدمنا بمجرى مياه على السطح، وأذكر أنني عندما خرجت من السيارة كان أول ما فكرت فيه هو أنني لم أصدق أنني على قيد الحياة، ناهيك عن أنني يمكنني التحرك أيضاً، ثم أدركت أنني خرجت من مؤخرة السيارة والتي لم تعد موجودة في مكانها، بل كانت على الرصيف الفاصل بين الطريقين، أما مقدمة السيارة فقد كانت في حفرة التصريف، ثم أخرجت صديقي والذي كان فاقداً للوعي حينها، ثم وجدت أن كلاناً سليمٌ تماماً ولم نصب إلا بخدوش بسيطة.
وقد كانت هناك بالمصادفة دورية شرطة تمر جوارنا، حيث اصطحبتنا إلى المستشفى واتهمت زميلي بتهمة القيادة تحت تأثير السُكر، لكن قبل أن يأخذنا الضابط إلى سيارة الإسعاف، قال لي أحد الرجال هناك “أيها الشاب، عليك أن تدرك أنك مازلت حياً حتى الآن لحكمة ما، وأن السبب الوحيد لبقائك حياً هو أن لله حكمة ما في بقائك وإلا لما نجوت على هذا النحو”، فقلت لنفسي “يا لهذا الرجل المجنون، إن كان الله يريدني لحكمة ما لكان اتضح لي ذلك فيما مضى” وبالطبع لم أعره انتباهاً، وبعد شهر أو ثلاثة أسابيع عزمنا أنا وصديقي الذهاب إلى نيويورك، ولم نخبر أهالينا بوجهتنا، وإنما أخبرت أهلي أنني سأبيت عنده في العطلة، وأخبر هو أهله أنه سيبيت عندي، ثم ذهبنا إلى نيويورك، ودخلت إلى المصرف الآلي لأسحب بعض النقود، وقد كانت ماكينة السحب داخل غرفة زجاجية بحيث لو تبعك أحد اللصوص ودخل خلفك فلن تجد لك مفراً منه، فدخلت وسحبت النقود من الماكينة، ثم سمعت الباب يُفتح من خلفي، فاستدرت ظاناً أن هناك شخصاً ما ينتظر دوره، لكني وجدت رجلاً يصوب مسدسه نحوي، وقد كان عازماً تماماً على الحصول على تلك النقود، فهو لم يتفوه بكلمة واحدة، وإنما فقط صوب مسدسه في وجهي ووضع اصبعه على الزناد.
لا أستطيع نسيان ذلك المشهد في ذلك اليوم، حيث رأيت قرص الرصاصات يدور أمام عيني، وسمعت صوت الرصاصة وهي تتحرك خارجة منه، وكان كان مسدساً صغيراً ولكنه بدا لي في تلك اللحظة كما لو أنه دبابة كبيرة، وأذكر أنه قد أصابتني حينها صدمة من الذهول ولم أتمكن من التفكير في أي شيء، ونظراً لأنني قد تعلمت بعض الرياضات القتالية وتدربت بعض الشيء على الخروج من تلك المواقف، فكل ما أذكره أنني طرت خارجاً، وأن النقود قد طارت من يدي، وأن اللص قد طار خلف النقود، ثم عدت إلى الفندق ولم أخبر أهلي بشيء عن ذلك الحادث في اليوم التالي.
ثم بدأت تطاردني الكوابيس حول هذا الحادث، واستمرت معي تلك الكوابيس المرعبة حتى أخبرت جدتي حينها، فقالت لي نفس ما قاله لي ذلك الرجل “عليك أن تدرك أنك قد نجوت من هذا الأمر لحكمة لا يعلمها إلا الله، وأن الله قد أبقاك حياً لسبب ما”، ولم تدعُني جدتي إلى المسيحية مرة أخرى، ولم تطلب مني دراسة الكتاب المقدس، ولكن كل ما قالته لي أن الله موجود في كل شيء، ولكنك لم تجد بعد الطريق الصحيح للوصول إليه، ثم بدأت أضع الأمور كلها مع بعضها، حادثة السيارة، وحادثة المسدس، والقبض عليّ لكثرة العراك، وبدأت أتوقف وأفكر في إعادة النظر في حياتي مرة أخرى.
وهكذا أصبحت (لا أدرياً)، بمعنى أنني أؤمن بالله دون اتباع دين معين، وكنت أصلي لله على الأرض على ركبتي ويدي، لأن هذه هي طريقة عبادة الله التي وجدتها في كل الكتب المقدسة، في التوراة، والإنجيل، وبجافاد جيتا، وفي كل الكتب التي قرأتها كان هذا هو وصف الصلاة لله.
وفي تلك الفترة قرأت كتاباً واحداً عن الإسلام في المكتبة العامة، ولم أكن حينها قد سمعت عن الإسلام قط، ولكني أذكر أنني قد وجدت قسماً عن كتب الأديان في مكتبة المدرسة، وكان من بينها كتاباً عن الإسلام، وهو بعنوان لماذا أنا لست مسلماً أو شيئاً من هذا القبيل، وهو أحد تلك العناوين الهادفة لتشويه صورة الإسلام، ولكني لم أكن أعلم شيئاً عن ذلك حينها، فأخذت الكتاب وقرأته، وأذكر أنني قرأت فيه أن المسلمين هم قوم يعبدون إله القمر واسمه (الله)، والذي يعيش في صندوق أسود في صحراء المملكة العربية السعودية، وأنهم يضطهدون النساء ويسيئون معاملتهم، وقد كان هناك فصلاً كاملاً يشرح كيف أنهم يتزوجون بأربعة، بل وأكثر من ذلك، حيث يمكنهم أن يتزوجوا باثنتين ثم يطلقوا واحدة ويحصلوا على ثلاث آخرين، إلى ما هنالك من مثل هذه الأمور.
وأذكر أن أكثر ما جذب انتباهي هو الفصل الذي يتحدث عن الجهاد، حيث جاء فيه أنه يحق للمسلم أن يقتل غير المسلم في أي وقت وأي مكان وبدون أية تحفظات، وأنه عمل نبيل لا يقتصر جزاؤه على دخول الجنة فقط، بل سيحصل فاعله على سبعين من العذارى أيضاً، وبالطبع أغلقت هذا الكتاب، ووضعته على الرف، وشطبت الدين الإسلامي من قائمة الأديان لدي، وقلت في نفسي الحمد لله أنني لم أقابل مسلماً وإلا لكنت ميتاً الآن، وأنه من الجيد أنني أعيش هنا في جنوب كارولينا حيث لا وجود هنا للمسلمين.
ثم بدأت أصلي وأحاول أن أكون شخصاً صالحاً، ثم تغيرت الأمور عندما قابلت شخصاً مسلماً، وهو أحد الأشخاص الذين قابلتهم من قبل عدة مرات في المدرسة، فقد كنت أعرفه، ولكني لم أعلم أبداً أنه مسلماً، وهناك عدة أسباب لذلك، السبب الأول هو أنه أمريكي أفريقي والكتاب يقول أن المسلمين هم من العرب فقط، والسبب الثاني هو أنني قرأت أن المسلمين يحصلون على ما يشاءون من النساء ويقتلون غير المسلمين، ولكني لم أعلم أنهم يمكنهم التجارة في المخدرات أيضاً، فقد كان هذا الشخص تاجراً للمخدرات، لهذا لم أعتقد أبداً أنه مسلماً.
وقد كنا في بيته في يوم ما، أنا وصديقي الذي أورطه في المشاكل دائماً، وتحدثنا عن أمور الدين، حين قال لي هذا الشخص “هل سمعت يوماً ما عن الإسلام؟”، فقلت له “نعم بالطبع، أنا أعلم كل شيء عن الإسلام” فقال لي “حسناً، وما رأيك؟” فقلت له “ماذا تعني؟ من الواضح للغاية أنه أسؤ الأديان على الإطلاق” فقال لي “لماذا تقول ذلك؟ أنا مسلم!” فقلت له “توقف عن المزاح، أنت أمريكي أفريقي” فقال لي “أتظن أنني لم ألاحظ ذلك من قبل؟” فقلت له “يقول الكتاب أن المسلمين هم من العرب فقط” فقال لي “وماذا قرأت في ذاك الكتاب أيضاً؟” فأخبرته بكل ما قرأته فقال لي “يا إلهي، ما هذا الذي كنت تقرؤه؟” ثم قال لي “أنا لست مثالاً للمسلم الحق، ولكن لكي تتعرف على الإسلام الحقيقي عليك بالذهاب إلى المسجد لصلاة الجمعة، فستجد هناك أناساً يخبرونك عن الإسلام الصحيح” وقد كان هذا الشخص على علم برحلة بحثي في الأديان، فسألته “وما هو المسجد؟” فقال لي “كنيسة بدون كراسي” فقلت لنفسي هذا أفضل، لطالما كرهت تلك الكراسي الصلبة في الكنائس، ثم سألته عن مكان المسجد فذكر لي مكاناً مجاوراً لمنزلي، فقلت له أنني قد عشت طوال حياتي هناك ولم أرى مسجداً على الإطلاق، ولا يوجد هناك سوى الكنيسة ومحطة الغاز، فقال لي “نعم، أرأيت تلك الكنيسة الإنجيلية التبشيرية؟” فقلت “نعم، لقد كنت آخذ دروسي التبشيرية هناك” فقال لي “أرأيت ذلك المبنى ذو القبة الذهبية” فقلت له “نعم، تلك هي الصالة الرياضية” فقال لي “تلك ليست بصالة رياضية، إنها المسجد!”.
لقد كنت أعتقد طوال حياتي أن هذا المبنى هو صالة رياضية، وقد كنت مصدوماً للغاية، فقد فكرت أنني أعيش طوال حياتي بالقرب من هؤلاء المسلمين المجانين دون أن أعلم، ثم اتفقت معه على الذهاب لصلاة الجمعة، وانتظرته خارج المسجد، ووجدت أن أغلب رواد المسجد في ذالك الوقت هم من الهنود والباكستانيين والعرب، ولم أرى بينهم أمريكيين، ثم أوقف الإمام سيارته أمامي، ووجدني واقفاً بجوار المسجد، ولم أكن أعلم حينها أن هذا هو الإمام، فسألني إذا ما كنت أنتظر شخصاً ما، فأخبرته باسم صديقي، فعرفه على الفور ولكنه أخبرني أنه لا يأتي إلى المسجد كثيراً، ثم رحب بي وبدا لي شخصاً لطيفاً ومهذباً للغاية، ثم دعاني لدخول المسجد، وقد كنت أود أن أنتظر صديقي ولكني لم أرد رفض دعوته في الوقت نفسه، فدخلت معه وأعطاني كرسياً صلباً لأجلس عليه في الخلف!
ورغم أنني كنت أود الجلوس على الأرض، إلا أنني جلست على ذاك الكرسي، ونظرت إلى كل الصفوف الأمامية التي تجلس على الأرض، ولم أرى بينها أمريكياً واحداً، وبدأت أتساءل، ماذا لو أن هذا فخاً؟، وبدأت أفكر فيما يمكن أن يحدث، فقلت لنفسي أنه ربما كان صديقي في نفس هذا الموقف من قبل، ثم عرض عليهم الخروج من المسجد مقابل أن يخدع أمريكياً آخر ويحضره إليهم، حتى يقيموا عليه الجهاد ويحصلوا على السبعين عذراء!
وقد كانت هناك ستارة خلفي أسمع من وراءها أصوات نساء، ولم أكن أعلم ما يحدث في الداخل، فبدأت أنظر إلى بوابة الخروج وأحسب عدد الأشخاص الذين يجلسون بيني وبين باب الخروج، وقلت في نفسي أنني قد تعلمت بعض الرياضات القتالية وسأتمكن من التغلب على هؤلاء الأشخاص والخروج من هنا، ثم صعد الإمام إلى المنبر وعلمت حينها أن هذا الرجل هو إمام المسجد، فقلت في نفسي أن هذا الرجل يبدو لطيفاً ولا داعي لكل هذا القلق، ثم بدأ الرجل بإلقاء الخطبة، وقد كان يدق بيده على المنبر ويتحدث بالعربية، فظننت أنه يتحدث عني، فهو يتحدث بقوة ويضرب المنبر بيده ويشير في اتجاهي، فقلت في نفسي إن عليّ الخروج من هنا بسرعة، وفكرت في أن أخترق الستارة وأخرج من جانب النساء، ثم توقف الإمام بعد مقدمة الخطبة، وبدأ بترجمتها إلى الإنجليزية قائلاً “الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونستهديه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا ….”، فشعرت حينها أن ما يقوله هذا الرجل هو كلام رائع للغاية، وودت أن أعلم من أين يأتي بهذا الكلام، فقد كانت المقدمة تتحدث عن الله وعن طبيعة النفس البشرية وما إلى ذلك، ثم ذكر الآية ” يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ”، وقد كان حكيماً للغاية حيث ترجم كل ما يقوله وكأنه يعلم أنني أحتاج إلى ذك، وقد بدت لي الخطبة بأكملها موجهة إليّ، فقد كان موضوع الخطبة أن باب مغفرة الله مفتوحاً لأي شخص في أي وقت وفي أي مكان مهما ارتكب من ذنوب فيما عدا الشرك بالله، وقد تحدثت الخطبة عن حديث رسول الله عندما لقيه جبريل، وبشره بأنه من مات من أمته وقد ارتكب ذنباً ما فسيغفره الله له، ثم يسأل المسلمون عن ذنب آخر، فيسأله الرسول صلى الله عليه وسلم عن ذاك الذنب، فيذهب جبريل ثم يأتي ليخبره أن الله سيغفر هذا الذنب أيضاً، ثم تكرر ذلك عدة مرات حتى أخبره جبريل في النهاية أنه مهما بلغت ذنوبهم سيغفرها الله لهم طالما لم يشركوا به شيئاً.
ثم ذكر لهم أن باب التوبة مفتوح أمام العبد ما لم يغرغر، أو أن تشرق الشمس من مغربها، كما قال لهم أن المغفرة هي من عند الله فقط، وهكذا فقد كان الموضوع الرئيسي في تلك الخطبة هو المغفرة والتوبة، فقلت لنفسي أن كل ما يقوله هذا الرجل يتوافق مع ما خرجت به من تجاربي السابقة من الكتب المقدسة، وكنت أتسائل من أين يأتي هذا الرجل بهذا الكلام الرائع؟، كما أنه قد بدأ في ذكر بعض الأسماء التي أعرفها سابقاً، مثل إبراهيم وموسى عليهما السلام، وقد ترجم تلك الأسماء عندما ذكرها، فقلت في نفسي من أين أتى هذا الرجل بتلك الأسماء؟ إنها مذكورة في الكتاب المقدس فقط.
وبعد الخطبة بدأ المصلون في الاصطفاف، وقلقت قليلاً لأن المصلين قد وقفوا أمامي وسدوا باب الخروج تماماً، ثم أتي إليّ أحدهم وقال لي “هيا بنا، سنصلِ الآن” فسألته “إلى من تصلون؟” فقال لي “نصلي لربنا” فقلت له “أي الأرباب تقصد؟” فقال لي “خالق السموات والأرض، الإله الواحد الأحد” فقلت له “نعم أعرفه” ثم بدأ الإمام في الصلاة وتلا القرآن وكان صوته جميلاً، ولم أفهم ما قرأه حينها، ولكني عندما رأيت المسلمين يركعون ويسجدون على الأرض، مرت عليّ جميع آيات الكتب المقدسة، والتي تصف هيئة صلاة العباد إلى الله، وقلت لنفسي أن هذه هي العبادة الحق، ما أراه هو ليس مجرد دعاء فقط، وإنما عبادة لله.
قبل هذا الحدث كنت أظن نفسي شخصاً متفتحاً للغاية، ولكني تأكدت حينها أنني لست كذلك، فقد قرأت كتاباً واحداً مغرضاً عن الإسلام، وصدقته على الفور واعتبرته حكماً نهائياً على رؤيتي للإسلام، في حين أنني قد درست بقية الديانات بتفصيل أعمق”.
ثم يستأنف يوشع ويروي كيف تحدث مع الإمام عن الإسلام وسبب اعتناقه للدين الإسلامي قائلاً “بعد الانتهاء من الصلاة ذهبت للتحدث مع الإمام، واعتذرت له عن غلظتي في الحديث معه عندما قابلته للمرة الأولى، فسألني ما إذا كنت أود معرفة المزيد عن الإسلام، وحاول أن يعطيني بعض المطويات، ولكني قلت له “كلا، لا أود قراءة المطويات، هل لديكم كتاباً مقدساً؟” هذا هو حقاً ما وددت معرفته، فقال لي “نعم، لدينا كتاباً اسمه القرآن” فطلبت منه نسخة مترجمة للإنجليزية، ثم حاول أن يشرح لي كيفية نزول الوحي وما إلى ذلك، ولكني قلت له “أعطني الكتب لأقرؤه، وإن كان كلام الحق فسيتحدث هو عن نفسه” فأخذت الكتاب معي إلى البيت وبدأت في قراءته، وكنت متشوقاً جداً لذلك، فقرأت الفاتحة والتي بدت لي مشابهة لآيات الكتاب المقدس، ثم قرأت سورة البقرة وآل عمران، ثم بدأت أرى الأسماء التي رأيتها في الكتاب المقدس من قبل، مثل إبراهيم، وموسى، وعيسى، وداوود، ويحي، وزكريا، ومريم، فقلت لنفسي أنا أعلم تلك الأسماء جميعها، ولكن هناك أمر ما مختلف في هذا الكتاب، فالأنبياء في الكتاب المقدس كانوا نماذج سيئة على المستوى الخلقي، أما هنا فهم مضرباً للنموذج الجيد الذي يجب على المرء أن يقتدي به، فقد كانوا أناسا يحتذى بهم، حيث عاشوا من أجل رسالتهم التي أرسلوا بها، كما قرأت قصة المسيح عليه السلام، فقد كنت مهتماً للغاية برؤية ما يذكره هذا الكتاب عن المسيح، وقد كانت القصة المذكورة في القرآن أروع من أي قصة قرأتها في العهد الجديد، وأكثر ما لفت انتباهي هي معجزة تكلم المسيح في المهد، لأن الإنجيل لا يذكر كيف تغلبت مريم على اتهامها بإنجاب طفل من غير زواج، فلا يوجد دفاع عن تلك التهمة الموجهة لها في العهد الجديد، لكن القرآن يتحدث بشكل واضح وصريح للغاية في تلك المسألة، وأن معجزة المسيح الأولى هي التكلم في المهد ليدافع عن عرض أمه.
لقد قرأت القرآن بأكمله في ثلاثة أيام، ومع ذلك فقد انشرح صدري للقرآن من اليوم الأول بعد قراءة سورة آل عمران، لم أكن أعلم حينها معنى أن تكون مسلماً، ولكني قلت في نفسي أن أياً كان هؤلاء الذين يتبعون هذا الكتب فأنا أود أن أكون واحداً منهم، فهذا الكتاب يتحدث عن الأنبياء الحقيقيين، هذا الكتاب هو كتاب الهداية الحقة، كما أن هناك أمراً قد شدني في هذا الكتاب، وهو أنه كثيراً ما يوجه حديثه لأولئك الذين لا يؤمنون به، وهذا أمر لم أره في أي من الكتب المقدسة من قبل، لم أرى هذا التحدي الصريح من قبل، فهو يتحدى من لم يؤمنوا به أن يختبروه أوأن يأتوا بمثل هذا الكتاب وغير ذلك من التحديات المباشرة، وقد كان هذا أمراً مدهشاً بالنسبة لي، كما أن كل ما جاء في وصف الله كان مقنعاً وعقلانياً للغاية، وقد كانت كل تعاليم القرآن مباشرة وصريحة، فاستحوذ الإسلام على قلبي في تلك الليلة التي قرأت فيها القرآن، وقد بكيت كثيراً أنني ظللت أبحث وأبحث عن الحق، في حين أنه كان على بعد بضعة أمتار من بيتي.
ثم ذهبت في نفس هذا الأسبوع لأعتنق الإسلام وأردد الشهادتين، وحالياً أجوب العالم لأخبره عن قصة إسلامي وأبين له تعاليم هذا الدين الرائع”.
كانت تلك هي قصة إسلام الشاب جاشوا إيفانس، والذي اعتنق الإسلام ليصبح يوشع إيفانس، تلك القصة التي توضح لنا كيف أن الإسلام لا يحتاج إلى من يجمله ويشرحه بشكل أنيق وعصري، بل إن الإسلام هو أبسط من ذلك بكثير، فهو فقط يحتاج لعقل واعي، وقلب يبحث عن الله الحق، هذان هما كل ما يحتاجاهما المرء ليشرح الله صدره للإسلام.
View the Original article
0 comments:
Post a Comment