من اكثر الاشياء غرابة و التي حدثت في مصر بعد ثورة يناير المجيدة في 2011م وبعد خلع مبارك من الحكم وانتقال الحكم من خلال انتخابات حرة في عام 2012م قام بها المجلس العسكري الذي حكم البلاد في فترة انتقالية استمرت عام ونصف بعد ضغوط عنيفة من الشارع المصري بعد اخطاء وجرائم كبيرة ارتكبها المجلس العسكري في حق شعبه، وتولي الاخوان الحكم من خلال رئيس منتخب ينتمي لجماعتهم ، وحصلوا علي اغلبية نسبية في اولي انتخابات مجلس الشعب والشوري ، ان تجد في الشعب المصري من لا يزال يستجدي قيادات الجيش للتدخل في السياسة لتخليصهم من نظام حاكم ديكتاتوري غاشم جديد ، لم يقدم لهم اي شئ جديد عن سابقيه بل قد يكون اسوأ. والغريب هنا ليس ان يتولي الحكم رئيس فاشل وحكومة غبية فاشلة، لكن الغريب في ان يفكر الناس في هذا البلد بعد سنوات قليلة جدا من خروجهم وقدرتهم علي تغيير كل شئ بأنفسهم ان يستجدوا نفس ما فعلوه بقدراتهم انفسهم من قوة جاهدوا عام ونصف حتي تعود الي دورها الحقيقي ولا تقرب السياسة مرة اخري.
واستكمالا لحلقة الغرابة تجد قيادات من المعارضين المنتمين لاحزاب كارتونية اشبه بدكاكين الجرائد لا تستفيد من اي احد منهم الا بتصريحات خلف تصريحات في كل مناسبة، واحيانا بدون مناسبة. اعظم جهادهم هو المؤتمرات الصحفية، واعلي نجاحاتهم عدد الميكروفونات التي توضع امام افواههم حتي يقولون ما الهموا به ويتعطفون علي اهل البلاد بتنظيرهم المتخلف والذي لا يقدم ولا يؤخر شئ. تجد هؤلاء يخرجون في كل حين يطالبون من القائد الاعلي للقوات المسلحة الفريق السيسي بالتدخل في الخلافات السياسية بين السلطة والمعارضة، والبعض منهم يطالب بانقلاب الجيش علي السلطة الحاكمة، وكأن الشعب المصري الذي انقذ الجميع مما كانوا يخشونه خرج نهائيا من المعادلة.
لماذا يتناسي الجميع ان الشعب المصري الذي خرج بكل فئاته في ثورة يناير المجيدة هو نفسه الذي انقذ قيادات القوات المسلحة جميعا من ازمة التوريث التي استمرت تدق اجراس الخطر علي وضع الجيش داخل الدولة بعد ظهور دلالات كثيرة بتولي جمال مبارك الحكم خلفا لابوه، ولماذا يتحدث قيادات الجيش وكأنهم هم من بيدهم الامر والنهي وانهم اصحاب القوة في التغيير وهم ابعد كثيرا بحكم دورهم ان يكونوا ثوريين تواقين للتغيير مادامت امتيازاتهم محفوظة، ولماذا يراهن قيادات الاحزاب المعارضة علي الجيش ولا ينظرون بأي اهتمام ويراهن علي الشعب المصري نفسه ، يتناسي الجميع ان الشعب المصري هو العامل الاساسي الغائب عن المعادلة السياسية المصرية دائما، ولكن في كل لحظة حضر فيها كان هو المؤثر والمحرك الاكبر بلا منازع. والشعب المصري ليس خوارا كما يعتقد البعض، فهو شعب ثار في مائتي عام اكثر من ستة مرات سجلها التاريخ ، وكلها كانت ثورات مجيدة ولكن شاءت الاقدار ان يتم استغلالها وسرقتها وسرقة احلام البسطاء الذين قاموا بها.
كل مثقف في هذه الارض الطاهرة وحتي الذين ينتمون اليها بالقلب وهاجروا منها يجب ان يشحنوا اهل بلادهم بالثقة في انفسهم والامل الكبير في مستقبل يجب ان يصنعوه بأنفسهم من اجل ابنائهم. مصر وطن يستحق ان يكون افضل بكثير من حالته الان وفي الامس، مصر بلد عظيمة لها تاريخ عظيم، ويجب ان تستكمل ثورتها بأي شكل وبأي اسلوب طالما التزم القائمون بها بالسلمية التي ابهروا العالم كله بها وقدموا السر العظيم في كيفية ازاحة سلطة غاشمة من الحكم بوسائل سلمية تماما وبدون نقطة دم. ولا طلقة رصاص..
View the Original article
0 comments:
Post a Comment