لما نزل الوحي علي سيدنا محمد صل الله عليه و سلم لاقي عليه الصلاه و السلام الاذي و كانوا يقولون علي الحبيب انه ساحر و مجنون و كذا و كذا تعالي الله و رسله و انبيائه عما يقولون, و لاكن اشتد عليه الحال جدا و كان للنبي صل الله عليه وسلم له شيعه و انصار و لما علم كفار قريش أن رسول الله صل عليه وسلم صارت له شيعة وأنصار من غيرهم اجتمع رؤساؤهم وكبارهم ليتشاوروا فيما يصنعون بالنبي .فقال قائل منهم نحبسه مكبلا بالحديد حتى يموت وقال آخر نخرجه وننفيه من بلادنا فقال أحد كبرائهم ما هذا ولا ذاك برأي لأنه إن حُبس ظهر خبرهفيأتي أصحابه وينتزعونه من بين أيديكم وإن نُفي لم تأمنوا أن يتغلب على من يحل بحيهم من العرب بحسن حديثه وحلاوة منطقه حتى يتبعوه فيسير بهم إليكم فقال الطاغية أبو جهل الرأي أن نختار من كل قبيلة فتى ثم يضربه أولئك الفتيان ضربة رجل واحد فيتفرق دمه في القبائل فلايقدر بنو عبد مناف على حرب جميع القبائل. فأعجبهم هذا الرأي واتفقوا جميعاً وعينوا الفتيان.
وفي الليلة التي أرادواتنفيذ هذا الأمر أعلم الله تعالى رسوله بما أجمع عليه أعداؤه وأذن له سبحانه وتعالى بالهجرة إلى يثرب (المدينةالمنورة) فذهب إلى أبي بكر الصديق رضي الله عنه وأخبره وأذن له أن يصطحبه واتفقا على إعداد الراحلتين اللتين هيأهما أبو بكر الصديق لذلك واختارادليلا يسلك بهما أقرب الطرق وتواعدا على أن يبتدئا السير في الليلة التي اتفقت قريش أن تقتل رسول الله فيها .
وفي تلك الليلة طلب من ابن عمه علي بن أبي طالب أن ينام في مكانه. ثم خرج صل الله عليه وسلم وفتيان قريش متجمهرون على باب بيته وهو يتلو سورة (يس) فلم يكد يصل إليهم حتى بلغ قوله تعالى: (فَأَغْشَيْنَاهُمْ فَهُمْ لاَيُبْصِرُونَ) فجعل يكررها حتى أغشى الله تعالى أبصارهم فلم يبصروه ولم يشعروا به وتوجه إلى دار أبي بكر وخرجا معاً وتوجها إلى جبل ثور بأسفل مكة فدخلا في غار. وأصبحت فتيان قريش تنتظر خروجه فلما تبين لقريش أن فتيانهم باتوا يحرسون على بن أبي طالب لا محمداً غضبوا غضبا شديدا وأرسلوا رسلهم في طلبه والبحث عنه وجعلوا لمن يأتيهم به مائة ناقة
فذهبت رسلهم تقتفي أثره وقد وصل بعضهم إلى ذلك الغار الصغير الذي لو التفت فيه قليلا لرأى من فيه فخاف أبو بكر الصديق رضي الله عنه لظنه أنهم قد أدركوهما وقال يا رسول الله لو أن أحدَهم ينظر إلى قدميه لأبصرنا تحت قدميه. فقال له النبي:” يا أبا بكر ما ظنُّكَ باثنين الله ثالثهما “. فصرف الله تعالىأبصار هؤلاء القوم وبصائرهم حتى لم يلتفت إلى داخل ذلك الغار أحد منهم بلجزم طاغيتهم أمية بن خلف بأنه لا يمكن اختفاؤهما بذلك الغار لِمَا رأوه من نسجالعنكبوت وتعشيش الحمام على بابه. وقد أقام رسول الله وصاحبه بالغار ثلاث ليال حتى ينقطعطلب القوم عنهما وكان يبيت عندهما عبد الله بن أبي بكر ثم يصبح في القوم ويستمع منهم الأخبار عن رسول الله وصاحبه فيأتيهما كل ليلة بما سمع وكانت أسماء بنت أبي بكر تأتيهما بالطعام في كل ليلة من هذه الليالي وقد أمرعبد الله بن أبي بكر غلامه بأن يرعى الغنم ويأتي بها إلى ذلك الغار ليختفي أثر أقدامه وأثر أقدام أسماء.
واستمر رسول الله وصاحبه في طريقهما حتى وصلا قُباء من ضواحي المدينة في يوم الاثنين من ربيع الأول فنزل بها رسول الله علىبني عمرو بن عوف ومكث رسول الله بقباء ليالي؛أنشأ فيها مسجداً وصل فيه بمن معه من المهاجرين والأنصار وقد أدركه بقباء على بن أبي طالب رضي الله عنه بعد أنأقام بمكة بعده بضعة أيام ليؤدى ما كان عنده من
View the Original article
0 comments:
Post a Comment