كثير من الناس يظن أن ما اكتسبه من حرام إذا أدي زكاته أو إذا قام بإنفاقه في وجوه الخير لا يكون عليه إثم، وهذا بالطبع خطأ فاحش وزعم باطل لا أساس له. والمال الحرام لا ينفع صاحبه ولو أنفقه في الخير، بل يكون زاده إلى النار، فذلك الكسب الخبيث والمال الحرام من قبول دعاء صاحبه. فقال سعد بن أبي وقاص: ” يا رسول الله ادع الله أن يجعلني مستجاب الدعوة، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: ” يا سعد أطب مطعمك تكن مستجاب الدعوة، والذي نفس محمد بيده، إن العبد يقذف اللقمة الحرام في جوفه ما يتقبل الله منه عملا أربعين يوما وأيما عبد نبت لجمة من سحت فالنار أولى به” صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وقد دعا الإسلام إلى العمل والكسب الطيب الذي يكتسب به العبد العزة والكرامة والذي يدفع عن نفسه ذل المسألة ومد اليد، كما رسم منهج الإنفاق في قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: ” اليد العليا خير من اليد السفلي وابدأ بمن تعول. وخير الصدقة ما كان عن ظهر غني ومن يستعفف يعفه الله ومن يستغن يغنه الله ” صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم. وكما دعا الإسلام إلى الكسب والإنفاق في الوجوة المشروعة، فقد نهى عن إضاعة الأموال، وصرفه في غير منفعة أو فيما حرم الله. فالرجل الصالح يكسب المال الصالح لينفقه في العمل الصالح، وفي الحديث النبوي الشريف: ” نعم المال الصالح للرجل الصالح” صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم.
ويعد إضاعة المال من الخصال التي يكرهها الله سبحانه وتعالى لعباده، وفيما رواه مسلم يقول الرسول صلى الله عليه وسلم: ” إن الله يرضى لكم ثلاثا ويكره لكم ثلاثا، يرضى لكم أن تعبدوه ولا تشركوا به شيئا وأن تعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا، وأن تناصحوا من ولاه الله أمركم، ويكره لكم قيل وقال وكثرة السؤال وإضاعة المال ” صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم. وليست السعادة الحقيقة في جمع المال وصرفه على حسب الهوى والرغبات النفسية ، والمتعة المادية والجسدية، ولكن المال الذي يُحسد عليه صاحبه هو الذي يصرف في الوجوه المشروعة وفي جانب الحق. يقول الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم: ” لا حسد إلا في اثنين رجل أتاه الله مالا فسلط على هلكته في الحق، ورجل أتاه الله الحكمة فهو يقضي بها ويعلمها ” صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم.
ولم تقتصر تعاليم الإسلام في العناية بحرمة الأموال عند تحديد طرق كسبها ووسائل إنفاقها وعد إضاعتها بالباطل، لم تقتصر على ذلك فحسب، بل إن الشريعة الإسلامية قد احاطتها بعناية كيرة، وفرضت عقوبات رادعة على كل من يعتدي على حرمة الأموال، فقررت قطع يد السارق، فقد قال الله تعالى : ” وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا جَزَاءً بِمَا كَسَبَا نَكَالًا مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ ” (المائدة: 38) صدق الله العظيم. ويشدد الإسلام في الوعيد لمن يغتصب حق امرئ مسلم أو يقتطعه، فيقول الرسول صلوات الله عليه وسلم: ” من غصب شبرا من أرض طوقه الله تعالى من سبع أرضين يوم القيامة ” صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم. ويقول صلى الله عليه وسلم أيضا: ” من اقتطع مال إمرئ مسلم بغير حق لقي الله عز وجل وهو عليه غضبان” صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم.
View the Original article
0 comments:
Post a Comment