الاسلام لم يؤسس لدولة ثيوقراطية أي دولة تنشئ علي خلفية دينية، يكون الحاكم او الرئيس فيها هو ظل الاله والحاكم بأمر الله حتي لو لم يقل هذا مؤيدوه ، ولكن الفعل فضاح ومن التهليل الدائم والتبرير الدائم لأخطاء الحاكم هي تنفيذ عملي لذلك ولا ينتظر تأكيد لكون ان الحكم هذا حكم ثيوقراطي ديني يؤسس لدولة دينية تميز بين مواطنيها فالمؤمن بدين غالبية الشعب وبدين الحاكم وحكومته تتعامل معه الدولة بشكل واسلوب يختلف عن المواطن المؤمن بدين اخر. اقرب مثال علي هذه الدول الثيوقراطية في التاريخ هي دول غرب ووسط اوروبا في العصور الوسطي وتحديدا في القرون من الثامن الميلادي وحتي الثاني عشر الميلادي. كان الحكم يتولاه رجال الكنيسة الكاثوليكية في روما وكان البابا يتحكم في امور الحكم والسياسة في عموم اوروبا وتخضع له رقاب الملوك مهما كانت قوتهم، يذكر التاريخ ان بأوامر رجال الكنيسة تم تعذيب واضطهاد اليهود في اوروبا وقتلوا بالالاف في مذابح مروعة، وبأوامر رجال الكنيسة تم اضطهاد وحرق كتب العلماء والفلاسفة واشهرهم جاليليلو عالم الفلك الذي قال بنظرية دوران الارض حول الشمس ونفي مركزية الشمس التي تقول بها الكنيسة اعتمادا علي نص مقدس بالانجيل، وبأوامر الكنيسة في روما شنت اوروبا اثني عشر حملة صليبية علي البلدان الاسلامية في الشام ومصر وتزرعت الحملات الغازية المعتدية بحمل لواء الصليب وانها جاءت للدفاع عن المسيحيين المضطهدين في الشرق وهذا كان افتراء كبيرا وكان كل ما في غزوهم اطماع استعمارية وحقد اسود ولكن كان الشعار الديني هو اسهل الوسائل لاقناع الفلاحين والبسطاء في اوروبا بضرورة التضحية والتطوع في الجيوش وقبول الموت في ارض غريبة.
واذا أردنا مثال للدولة الدينية الثيوقراطية في عصرنا الحديث الحالي فهناك افغانستان وايران واسرائيل والفاتيكان. هناك فروق كثيرة بينهم الا ان ما يجمعهم هو انتمائهم لفكرة الدولة الدينية، صحيح بدرجات متفاوتة وظروف كل دولة تختلف عن الاخري الا ان الفكرة الثيوقراطية وسلطة ونفوذ رجال الدين موجودة بنسبة واضحة لا يستطيع احد ان يتجاهلها.
السؤال الان هل أسس الاسلام لدولة دينية او ثيوقراطية؟ الاجابة يجب ان تكون شافية وشاملة تدقق وتفحص نظام الحكم السياسي والنظام الاقتصادي العام الذي اشتملت عليه النظام الحاكمة في بلاد المسلمين علي مر التاريخ منذ بداية الدعوة الاسلامية علي يد النبي صلي الله عليه وسلم ومن بعده الصحابة الاجلاء سيدنا ابو بكر وعمر بن الخطاب وعثمان بن عفان وعلي بن ابي طالب، ثم الخلافة الاموية والعباسية والدول التي قامت علي اطراف او انقاض الدولة العباسية مثل الدولة الطولونية والفاطمية والاخشيدية والدول التي حكمها المغول المسلمين في بلاد القوقاز وشرق اسيا وغيرها وصولا الي النظم السياسية التي تحكم بلاد المسلمين في عصرنا الحالي. أوصيكم بقراءة كتاب مثل تاريخ الطبري، وكتاب في الملل والنحل وكتاب سير الاعلام وغيرها للمؤرخين لعهود المسلمين الاولي. وفي المقال القادم سنحلل نظم الحكم السياسية التي شهدتها بلاد المسلمين لنحكم بعدها ونجيب عن السؤال المطروح ويشكل صلب القضية (هل أسس الاسلام لدولة دينية؟ هل عرف المسلمون حكما ظن فيه الحاكم انه ظل الله في الارض؟ وما عاقبة مثل هؤلاء الحكام؟) انتظروا المقال القادم..
View the Original article
0 comments:
Post a Comment