تم الاعداد بشكل عادي لا ينم عن أي تداعيات هامة لزيارة الرئيس الامريكي باراك اوباما لمنطقة الشرق الاوسط ، وهي الزيارة الاولي له للمنطقة بعد فوزه في الانتخابات الرئاسية ليرأس الولايات المتحدة لفترة رئاسية ثانية واخيرة تنتهي في أكتوبر 2016 م. وهي الزيارة الثانية لمنطقة الشرق الاوسط منذ انتخابه رئيسا للولايات المتحدة فقد سبق هذه الزيارة زيارة أولي ابتدءها وقتها بزيارة مصر وقدم خطابا بمثابة اعلان جديد وبداية جديدة للعلاقات الامريكية بدول العالم الاسلامي وخاصة المنطقة العربية والتي علم رجال الادارة الامريكية ان الاجيال الجديدة فيها تحمل كثير من الكراهية للنظام الامريكي والتدخلات الامريكية في شئون بلادهم الداخلية ودعمها للطغاة الذين حكموهم وجرفوا حتي احلامهم بمستقبل افضل.
تحليلات وتفسيرات وتوقعات الاعلام الغربي وخاصة الاعلام الامريكي لم يقدم أي توقعات عالية لزيارة اوباما لمنطقة الشرق الاوسط هذه المرة ، بل وصلت لدرجة ان احد المحللين نشر تقريرا بجريدة النيويورك تايمز يقول فيه ان زيارة اوباما لدول الشرق الاوسط هذه المرة لا يصح ان نعتبره الا جولة سياحية يستريح فيها من تحمل الضغط الشديد الذي يحمله علي عاتقه للحد من أثار الازمة الاقتصادية وازمات الديون في الداخل الامريكي ، والدلائل التي يقدمونها في الاعلام هناك ان لا يوجد ثمة توجه واضح للادارة الامريكية الحالية لأزمة عملية السلام المتجمدة بين اسرائيل والفلسطينين منذ شهور طويلة ، واستمرار الاجراءات احادية الجانب وأزمة صواريخ حماس من قطاع غزة ، ولا حتي يوجد ثمة موقف واضح من تطورات الاوضاع في بلدان الربيع العربي الذي يتحول في هذه الفترة الي خريف لا ينتهي ولا يوجد طريقا محددا لأي مسار في أي دولة منهم سواء مصر أو تونس أو ليبيا. والموقف الامريكي من أزمة سوريا غير حازم ويتلوي في مسارات غير واضحة وواضح فيها شئ واحد وهو التردد والخشية ان تلاقي الولايات المتحدة في سوريا ما وجدته في كل بقعة انغرست فيها بقواتها المسلحة مثل العراق وافغانستان.
وجاء اوباما للمنطقة وبدء الزيارة باسرائيل ، استقبله رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو والرئيس الاسرائيلي شمعون بيريز في المطار ، واستقبلوه استقبالا حافلا والتقوه في جلسات رسمية واخري ودية ، وخطب اوباما في الشباب خطبة فريدة فهو ماهر ومبهر في فن القاء الخطاب. وهذا الخطاب لو دققنا في فحواه لوجدناه خطابا هو الاول من رئيس امريكي للشعب الاسرائيلي مباشرة فهو يعلم يقينا ان موقف الشعب والشباب في اسرائيل من اقامة دولة فلسطينية واستقرار الحال والاتفاق مع الفلسطينين علي عملية سلام شاملة اقل تشددا من مواقف الحكومة الاسرائيلية مهما كانت ايديولوجيتها سواء كانت حكومة يمينية أو علمانية. ربما يتغير الحال في المستقبل بمثل هذه الخطابات المباشرة المؤثرة في نفوس الناس وخاصة الشباب.
وبعد توجه الرئيس الامريكي اوباما لزيارة البلد الثاني في جدول زياراته للمنطقة المملكة الاردنية وقابل الملك عبد الله بن الحسين ، اذا بالاعلان المفاجئ من جانب رئيس الوزراء الاسرائيلي نتنياهو عن اعتذارا رسميا لدولة تركيا عن ما حدث في حادث قتل بعض الاتراك ولاجانب علي متن سفينة مرمرة التي كانت ضمن سفن اسطول الحرية الذي تحرك من سواحل تركيا قاصدا فك الحصار عن غزة ابان الحصار في 2008م ، وسحبت تركيا علي اثر ذلك سفيرها وقطعت علاقتها باسرائيل منذ ذلك الوقت ورفضت عودة العلاقات لطبيعتها قبل اعتذار رسمي يصدر عن اسرائيل. قدم نتنياهو الاعتذار رسميا واعلن اردوغان بعد ساعات قليلة قبول الادارة التركية للاعتذار واتفقوا مع الاسرائيليين علي استعادة الدفء للعلاقات بينهما ، ثم أعلنت وكالات الانباء ان الاعتذار تم من خلال اتصال تليفوني بين رئيسي الوزراء نتنياهو واردوغان بترتيب خاص من ادارة البيت الابيض.
اذن زيارة اوباما للمنطقة لا تعد جولة سياحية كما توقعت دوائر الاعلام الغربية ، ولكن صاحبها نتائج سياسية مؤثرة في الوضع بالمنطقة بشكل كبير وسريع. عودة العلاقات التركية الاسرائيلية اقوي حليفين للولايات المتحدة بمنطقة الشرق الاوسط له مردود مهم جدا في التوجه الدبلوماسي المباشر والغير مباشر في كل قضايا المنطقة في الفترة المقبلة وعلي رأسها الوضع السوري ، وازمات دول الربيع العربي وعلي رأسها مصر لاحداث نوعا من التوازن واستقرار نسبي في المنطقة ، وتحديد شكل اقوي تأثيرا في التعامل مع الملف الايراني.
View the Original article
0 comments:
Post a Comment