يوم الجمعة الماضي خرج عدد من المظاهرات الشعبية قادتها عدد من الحركات الثورية مثل حركة شباب 6 ابريل ، والتيار الشعبي وعدد من القوي الثورية الاخري وانضم لهم اعداد كثيرة من شباب المناطق العشوائية والشعبية الموجودة في جنوب القاهرة مثل السيدة عائشة والخليفة والمقطم وتوجهت هذه المظاهرات كلها لتتظاهر امام مكتب الارشاد والمقر الرئيسي الجديد لجماعة الاخوان المسلمين في منطقة جبل المقطم الهادئة في العاصمة القاهرة. وجدير بالذكر أن اسم القاهرة أصله ليس كما يقول بعض العامة أنه نسبة للخليفة الفاطمي الذي بناها في القرن الثالث الهجري ولا نسبة للنجم السماوي الذي يسمونه القاهر ، ولا لأن بناتها أرادوا الافتخار بأنها الارض القاهرة للغزاة فهي لم تقهر أكثر ما قهرت أبنائها، أما الاصل في تسميتها بالقاهرة يعود للاصل المصري القديم للارض التي بنيت عليها فهي مبنية فوق وادي شرق النيل كان يسمي في الزمن الفرعوني القديم “كاهي رع” أي وادي الاله رع ، ومع تحريف الكلمة وتغير لغة أهل مصر أصبحت كاهيرع ، ومنها الي اسمها الذي ننطقه ونكتبه الان “القاهرة”.
توجهت المظاهرات الي مقر مكتب ارشاد الاخوان المسلمين في المقطم كان سببه القريب تعرض عدد من المتظاهرين والصحفيين للضرب المبرح قبلها بأيام في فاعلية رسم جرافيتي أمام مقر الاخوان كنوع من أنواع الاحتجاج الشعبي المعروفة عالميا، واشتهر في محطات التلفاز مشهد لطمة قوية لأحدي السيدات علي يد أحد البغال البشرية التي كانت تقف أمام المقر بدافع حمايته من غزوات هتافات المتظاهرين. أما السبب الاصيل لهذا التغيير في بوصلة الثوار وتحويل قبلة احتجاجهم من قصر الاتحادية الرئاسي مقر رئيس الجمهورية الي مقر مكتب الارشاد لجماعة الاخوان المسلمين ومقر المرشد العام الدكتور محمد بديع الذي يعتبره الشباب الثائر اللاعب الاساسي وصاحب القرار النافذ في تسيير كل الامور الخارجية والداخلية في مصر، أو بالاحري هو علي قمة هرم يتكون قاعدته من اسمين مؤثرين أخرين وهم من اعضاء مكتب الارشاد ايضا وهم المهندس ورجل الاعمال صاحب النفوذ داخل الجماعة خيرت الشاطر وكان المرشح الاساسي لرئاسة الجمهورية قبل استبعاده من قبل لجنة الانتخابات الرئاسية وقتها نتيجة عدم الاهلية لصدور حكم قضائي ضده، والاسم الثاني هو الرجل الصامت والقوي داخل التنظيم محمود عزت والذي تقول كثير من الدوائر القريبة منه أنه المسئول الاول عن ميليشيات الاخوان العسكرية التي ظهرت أكثر من مرة في احداث واحتكاكات مع شباب الثورة كان اخرها عندما خرجوا ضد الصحفيين والنشطاء في تظاهرة الجرافيتي وعندما خرجوا ضد التظاهرات في الجمعة الماضية، واحتلوا عدد من المساجد بالمنطقة حول مقر مكتب الارشاد ليحتجزوا فيه الشباب الذين يستطيعون القبض عليه لتعذيبهم وتسجيل شهادات مزورة لهم بتلقيهم المال من اطراف المعارضة المتمثلة في جبهة الانقاذ والتي تريد جماعة الاخوان القاء التهم عليها وتشويه صورة رموزها وتحميلهم كامل المسئولية عن خروج هذه التظاهرات تحت غطائهم اما ماديا او سياسيا، وتحميلهم ذنب سقوط الضحايا أيضا.
العجيب في الامر ان جماعة الاخوان لم تستوعب حتي الان انهم حاليا علي رأس السلطة في مصر، ولم يصبحوا تلك الجماعة المحظورة والمضطهدة من سلطة غاشمة تستخدم كل اساليب القمع والترهيب ضدهم. أعتقد انهم تعودوا علي العمل السري ويصعب عليهم العمل تحت نور الشمس، وفي العلن. وفي اعتقادي انهم يتخلصون من القهر بالقهر، أي يتخلصون من عقدتهم النفسية بقهر الانظمة السابقة الغاشمة لهم طوال ثمانين عاما بقهر غيرهم ممن يعارضونهم، وانا لا اتبلي عليهم لاسمح الله ولكنها قاعدة يعرفها كل من يدرس علم النفس فالمضطهد يشعر بمأزق نفسي خطير لا يخرج منه الا بطريقتين اما العلاج النفسي لفترة شهور وقد تطول لسنوات حسب صعوبة الحالة، واما ان يتخلص من الاضطهاد بالاضطهاد المضاد لغيره، ويتخلص من الكراهية بكراهية كل من يخالفه الرأي، ويتخلص من القهر بقهر الاخرين. وهذا هو السبب الحقيقي في اقصائهم لكل قوي المعارضة الحقيقة، واحتفاظهم فقط بقوي المعارضة الناعمة الموالية لهم والتي خرج اغلبها من عبائتهم مثل حزب الوسط، والاحزاب التي تنتمي لجماعات الجهاد والجماعة الاسلامية وبعض الاحزاب السلفية.
في اعتقادي ان المكابرة التي هي نهج الاخوان في التعامل مع الغير من قوي المعارضة ستكون سبب اخفاق كارثي في ضبط الامور. هم يتناسون ان الشارع المصري لن ينتظر اشارة من اي احد، وثورته كالبركان الذي ينفجر بدون سابق انذار. وعليهم ان يدركوا اللحظة الفارقة كما يقول دائما احد اذرعهم المتخفية في صفوف المعارضة الناعمة، ويمثل اليد الخشنة احيانا ضد الخصوم. شواهد التاريخ كل ما تقوله ان كل حكم يستغل الدين في الادعاء علي الناس يسقط في بئر الفشل ولا تقوم له قائمة ابدا. ويكذب هؤلاء ويقولون بأنهم يؤسسون لدولة الشريعة الاسلامية والاسلام الحنيف انزه كثيرا من ان يزج به في بحار السياسة المتلاطمة النجسة.
View the Original article
0 comments:
Post a Comment