أردت أن اطرح في عدة مقالات الرأي والتحليل في مسائل شائكة جدا ترتبط ارتباطا وثيقا بالدين والعقيدة وطبعا بحياة الناس سواء من المسلمين او غير المسلمين. سنتكلم مثلا في مسائل مثل الارادة الحرة والاختيار والتسيير، وسنتحدث في جوهر الاسلام وهل يشترك في اصل واحد مع الديانات الرسالية (السماوية) الاخري اليهودية والمسيحية، وسنتحدث في علاقة الدين بالتدين وما الفارق بين تدين قوم وتدين اخرون، وفي الفارق الملحوظ بين تدين المسلمين في البلاد العربية الخليجية وتدين المسلمين في مصر والشام وتدين المسلمين في جنوب شرق اسيا، وفي الغرب. سنتحدث في مسألة ازدراء الاديان وما هي وجهات النظر في هذه المشكلة وافضل الطرق لمواجهتها في المجتمعات الغربية والمجتمعات العربية. وقبل ان نخوض في غمار هذه المواضيع الشائكة علينا ان نتحلي بالصبر الجميل، ونستوعب ونطبق مقولة العالم المسلم العظيم علاء الدين بن النفيس صاحب موسوعة الشامل الطبية الشهيرة وصاحب المنجزات العلمية العبقرية وهو صاحب فضل علي علماء الطب في اوروبا حيث نقلوا عنه الكثير وترجموا كتبه في ايطاليا في القرن الخامس عشر الميلادي. يقول العلامة ابن النفيس “ “وربما أوجب استقصاؤنا النظر عدولاً عن المشهور والمتعارف ، فمن قرع سمعه خلاف ما عهده ، فلا يبادرنا بالإنكار ، فذلك طيش ، فرُبَّ شنعٌ حق ومألوفٌ محمودٌ كاذب ، والحق حقٌ في نفسه ، لا لقول الناس له ، ولنذكر دومًا قولهم: إذا تساوت الأذهان والهمم ، فمتأخرُ كل صنعةٍ خيرٌ من متقدمها”.
يتكلم الناس وخاصة المستشرقين القدامي والمهتمين بالدراسات الاسلامية، والدينية بشكل عام عن جدوي الحساب يوم القيامة وقد سير الله الاحداث والتصرفات بأحكامه واقداره وقضائه، وكتب كل ما كان وما سوف يكون في كتاب محفوظ عنده في سدرة المنتهي بحسب ما نؤمن به كمسلمون. يتسائلون كيف لانسان كتب الله عليه حاله وسعادته وشقائه، وامه وابيه، وصاحبته وبنيه، ورزقه، وعمله وحاله واحواله، ويعلم الله مافي سره وما يفعله امام الناس وفي وحدته ،علي ماذا يحاسب هذا الانسان وكيف بالاله العدل ان يحاسبه علي ذنب فعله وقد كتبه الله في الكتاب قبل حتي ان يوجد هذا الانسان علي الارض. السؤال فعلا صعب ويدير العقول ويشغلها. كان رسول الله صلي الله عليه وسلم يحذر اصحابه وقت الدعوة من التوغل في حديث يخص القضاء والقدر. كان يعلم الرسول الكريم صعوبة هذه المسائل وسهولة التذرع بها واستغلالها لما بها من ثقوب كثيرة للمتشككين والمرتابين وضعاف الايمان. أما في زماننا هذا والذي يشهد كل يوم تطور علمي كبير، والفلسفة والمنطق اصبحت هي لغة الحضارة الاولي. فكان لابد ان نبدأ في مناقشة هذه المسألة بلا خوف وبلا تردد. خصوصا بعد ان نعلم ان اجدادنا العظماء علماء وفقهاء المسلمين كانوا بارعين في هذا النهج وقاوموا التخلف والتشدد والتكفير في سبيل تسجيل الموقف والاجتهاد والبحث خلف هذه المسائل الشائكة. ومثلما هم واجهوا ليس علينا حرج في ان نقوم بواجبنا ونستكمل ما بدأوه ونجتهد قدر الاستطاعة ولنا الاجر في الحالين أصبنا او اخطأنا. والاجتهاد خير وابقي من التخلف والجمود. كان لابد لنا من هذه المقدمة قبل الخوض في غمار هذه المسائل الخطيرة حتي يستطيع القارئ ان يتقبل الحديث بشكل الناقد للموضوع وليس الشخص، وحتي نجرب من جديد ان نفكر فيما نتلقاه عن الاولين ونعمل فيه العقل ونجتهد واجرنا جميعا علي الله. وسنتبع سنة نبينا الكريم صلي الله عليه وسلم فدين الله عميق فنوغل فيه برفق، وما كان الرفق في شئ الا زانه.
View the Original article
0 comments:
Post a Comment