يقول قانون الطبيعة الشهير الذي درسناه جميعا في فصول الدراسة الثانوية “لكل فعل رد فعل، مساوي له في المقدار، ومضاد له في الاتجاه”. وبالفعل علمنا بكل الشواهد النظرية والعملية وحتي المعادلات الرياضية ان هذا القانون له في الحقيقة وجود ملموس. والسؤال هل نستطيع ان نتلمس هذا القانون الفيزيائي في ارض السياسة والحياة بشكل عام؟ الاجابة: نعم، بكل تأكيد فالعلم لا ينفصل عن باقي تكوينات الحياة نهائيا بل يكملها وينصهر معها وما العلم الا تفسيرا منطقيا لظواهر الكون الكبير والصغير.
المتابع للحال السياسي سواء العالمي او المحلي في بلادنا العربية مثلا أو داخل كل نظام او تكتل دولي مثل دول الاتحاد الاوروبي أو دول الغرب الافريقي او مجموعة جنوب شرق اسيا او غيرها سيجد دائما تجلي واضح وصورة تطبيقية لهذا القانون الفيزيائي الفريد. تعالوا لنري هذا الاثبات في عدد من الحالات الواضحة ثم ننتهي الي الخلاصة من هذا الوضع وكيفية تحليله وفهمه والحد من اخطاره والاستفادة من فوائده قدر المستطاع.
ماذا حدث عندما انتشر الحكم الديني الفاشيستي في الفاتيكان وسيطرت الكنيسة الكاثوليكية علي كل مجريات الامور في اوروبا في العصور الوسطي والتي سماها الناس “عصور الظلام”؟ ما حدث هو نفسه وعينه الذي يحدث في ايران منذ ثمانينات القرن العشرين ويحدث في افغانستان حاليا . اظلام تام لكل منافذ العلم، تكفير، اضطهاد لكل صاحب رأي يخالف اراء القساوسة واهل الدين، صناعة للكهنوت والكل يخرون سجدا لهذا الكهنوت والخارج يقتل او ينفي. لا مجال لأي معارضة في الوجود؛ فاما تعارض علي هوي السلطة وتلتزم بالخطوط الحمراء او تكون قد تجاوزت فتستحق الاعدام او النفي، وكل ذلك بحكم الدين او بالمعني الدقيق بحكم ما تفهمه السلطة الفاشية عن الدين، وماهم بفاهمين ولكن فسروا النصوص حسب اهوائهم. تعالوا نتأمل رد الفعل الطبيعي لهذا الفعل المساوي له في المقدار وعاكسه في الاتجاه. أظلمت اوروبا قرون وتخلي عنهم العقل والنور وخاصمهم المنطق، عذبوا علمائهم مثل جاليليو وحرقوا الكتب، وفي ظلال الحكم باسم الدين لم تنتشر الفضيلة بل زادت البغايا وحالات السرقة والشذوذ. وفي ظل الحكم باسم الدين خرجت الحروب الغاشمة التي احتمت خلف رمز ديني (الصليب) وكان كل اهدافها اطماع سياسية دنيئة في ثروات الشرق العربي وحتي يجرون الفلاحين من اوروبا جرا للمعركة ويقبلون علي انفسهم الموت في ارض غريبة سيطروا عليهم باسم الدين والتضحية من اجل الفوز بالغفران. وكانت اخر نتائج الحكم الديني الفاشيستي في اوروبا المضادة في الاتجاه هو النهضة الصناعية الاوروبية في القرن السابع عشر والثامن عشر رافعة لواء العلمانية المتطرفة المضادة لكل وجود او سيطرة لرجال الدين وطبعا يكمن السبب فيما ذكرناه .
وحتي يكتمل الفهم لفكرة التضاد ومساواة رد الفعل للفعل مهما تخيل صاحب الفعل انه قد دانت له الارض بما رحبت. تعالوا نتأمل مثال اخر ملحوظ وتستطيعون البحث عنه وقراءة تفاصيله. الحصار الاسرائيلي لقطاع غزة والذي استمر منذ سنوات وحتي هذه اللحظة باستثناء فترات قصيرة كان يتم فيها فتح المعابر. ماذا حدث بعد كل هذا الحصار؟ هل انهارت المقاومة ويأس الناس وذهبوا عن اوطانهم؟ الاجابة لا ولن يحدث لأن القانون الذي يحيا به الانسان هو ما فطرنا الله عليه فلكل فعل رد فعل، انظروا الي ملامح الاطفال في غزة ومدي الاصرار في عيونهم وانتم تعلمون ان كل ما فعلته اسرائيل للخلاص من كابوس غزة انقلب عليها وسينقلب عليها اكثر واكثر في المستقبل لأنها زرعت الكراهية ونزعة الانتقام في كل اطفال غزة، والاوضاع والحصار نزعت عنهم الرعب والخوف ولذا فالمستقبل يحمل لاسرائيل اجيال شابة نزع عنها الخوف وشبت علي حب الموت واستساغته فماذا تتوقع من نسل كهذا؟
المتأمل لتطبيقات هذا القانون الطبيعي الذي وضعه الله ليحقق التوازن في حياتنا، يستطيع ان يقرأ الاحداث بشكل استباقي ويعلم عاقبة الامور قبل ان تحدث وهذا حديث قد يهم السياسيين وغيرهم في عالمنا العربي، هذا لو يعلمون !
View the Original article
0 comments:
Post a Comment