يعيش الناس في مصر الان حيرة تكررت اكثر من مرة في غضون الشهور الماضية وبكل اسف تتكرر كل الشواهد الدالة علي الاتجاه الصحيح ، ولكن تجد الغالبية تتجه دوما في الاتجاه الخطأ ثم يبدون الندم ويلطمون الوجوه ويشقون الجيوب. اصدرت رئاسة الجمهورية قرارا بالموافقة علي قانون الانتخابات الجديد الذي اقره مجلس الشوري الذي في يده السلطة التشريعية حاليا ، واصدر رئيس الجمهورية قرارا ببدء الانتخابات البرلمانية لانتخاب مجلس الشعب الجديد والذي سيتسلم الدفة التشريعية من مجلس الشوري تاركا للاخير بعض السلطات الجزئية المكملة وغير الاساسية. وقرر الرئيس ان تبدأ الانتخابات في الاسبوع الاخير في ابريل القادم وتستمر علي اربع مراحل تغطي جميع محافظات جمهورية مصر العربية. وبعد اقرار القانون بدون اي حوار او تفاوض حقيقي مع المعارضة المصرية او حتي المعارضة المستأنسة الديكورية تدعو الان والان فقط رئاسة الجمهورية لحوار سياسي عن ضمانات اجراء انتخابات مجلس شعب نزيهة !!
كيف تفرض الرئاسة امرا واقعا ثم تدعو للنقاش والحوار؟ ومن هذا الذي سيقبل علي نفسه هذا الوضع وهذا الحوار الديكوري المجمل لوجه الرئاسة العبوس الذي لا يلاقي اي قبول منذ اصدار الاعلان الدستوري الغبي الذي قفز بالشرعية من النافذة الدستورية وكسرها وفتت قطع الزجاج وطحنها طحنا ، واعلن الرئيس منذ ذلك الوقت نفسه نصف اله لا يعارضه احد ولا يراجعه احد ، القانون هو ما سيوافق ما تريد جماعته ، وكل ما عداه مقامه تحت الحذاء او ادني. والشرعية عادت الي ما اقره الفارس المملوكي القديم قطز “الحكم لمن غلب”.
في غضون ساعات ستعلن كافة الاحزاب السياسية والائتلافات المختلفة موقفها النهائي من خوض الانتخابات والمشاركة فيها سواء بالترشح أو الترشيح والتصويت. وحتي الان اعلنت بعض الاحزاب موقفها النهائي وهو عدم خوض الانتخابات البرلمانية نهائيا ولا حتي الدعوة للتصويت فيها بل مقاطعتها مقاطعة نهائية حتي ينكشف النظام وتتعري عورته امام المراقبين الدوليين وامام العالم كله. وحتي يري المتابعين في الداخل والخارج ان هذا النظام لم يختلف كثيرا عن نظام مبارك الذي سبقه. نفس الممارسات ونفس الاستبداد ونفس السياسة في التعامل مع المعارضة . لا اهتمام بالرأي الاخر ولا اكتراث.
ولكن خلال الفترة القادمة سنشاهد احزاب سياسية اخري ستقرر خوض الانتخابات البرلمانية بأي شكل وتحت اي ظروف وهذه الاحزاب ستنقسم هذه المرة الي فريقين. الاول هي الاحزاب الكارتونية المتهالكة داخليا واختارت ان تبقي تحت ظلال الحزب الحاكم ولن نسميها فهي حتي اهون من الذكر في مقال. أما الثانية فهذه المرة فحزب النور وبعض الجماعات الاسلامية والتي قررت الانفصال العلني عن منهج الاخوان المسلمين السياسي ومعارضتهم والانقلاب عليهم بعد خلافات سياسية كبيرة بعد قرار الرئيس فصل احد مساعديه برئاسة الجمهورية والذي ينتمي سياسيا لحزب النور السلفي وذكر في قرار الفصل انه بسبب استغلاله لمنصبه ، فكان هذا سببا في غليان حزب النور وانقلابه تماما علي الاخوان المسلمين وعلي الرئيس. فالمتوقع ان ينافس حزب النور بقوة للحصول علي اكبر عدد من المقاعد في مجلس الشعب الجديد. ومن توقعاتي انهم سينسحبون منها اذا شهدت المراحل الاولي من الانتخابات تزويرا فاضحا ، ولاحظ وكلائهم ومندوبيهم تدني فرصتهم علي ارض الواقع.
والنتيجة يا سادة مجلس شعب احادي الاتجاه منزوع المعارضة بفعل فاعل. النتيجة حكومة ذات صبغة واحدة يغلب عليها تيار الاسلام السياسي. والنتيجة بكل اسف استمرار الحال السياسي في مصر في حالة مؤسفة لن تنتهي الا بانفجار شعبي محفوف بفرص عديدة لنزول الجيش مرة اخري ليسيطر علي الوضع, ولا يعلم كيف ستكون عاقبة الامور الا الله وانا لمنتظرون….
View the Original article
0 comments:
Post a Comment