ثالث العناصر التي تشكل وتبلور فكرة الأقليات هي الأنثروبولوجيا وهي
علم السلالات البشرية وهو فرع من فروع الجغرافيا البشرية ويتصل بدراسة تطور الانسان وسلالاته على الأرض والعوامل الجغرافية التي أثرت فيه.
وتعرف السلالة على أنها مجموعة من البشر قد يتباين أفرادها من حيث الملامح الفردية لكنهم كمجموع يمتازون بميزات عامة يمكن ملاحظتها أوقياسها كاللون أو شكل الرأس.. ألخ. وهي من المميزات التي لا تتأثر بظروف البيئة تأثراً سريعاً. كما يعرفها علماء الجغرافيا البشرية وتنقسم السلالات إلى نوعين أـ السلالات الكبرى أو الأساسية. ب ـ السلالات الفرعية أو الثانوية. كما تعتمد دراسة السلالات البشرية على مجموعة من الصفات للتمييز بين الأجناس ومن أهم هذه الصفات لون البشرة، طبيعة الشعر، لون العينين وشكلها، شكل الرأس، طبيعة الأنف وأخيراً البنية الجسمانية. وتعد الصفات المميزة للسلالات البشرية من أهم العوامل التي تساعد على ظهور الأقليات والنزعات العنصرية، حيث كانت الصفات الجسدية مدعاة للتفاخر وتحديد الوضع الاجتماعي في كثير من المجتمعات. ولقد فاضت صفحات التاريخ بصراعات دموية وعنيفة كان أساسها عرقياً. ولعل أشهرها على الإطلاق هو ادعاء البعض أن الجنس الآري جنس خاص “سوبر” وله الحق في سيادة البشر ولقد ادعى الكونت آرثر دجينبوا أن الجنس النبيل هو الألمان أو الآريون وأعلن أن [نقاء السلالة يضمن خلود الشعب بينما يؤدي التزاوج "يقصد مع سلالات أخرى" إلى الانحلال ويحمل معه بذور الفناء]. وهكذا لعبت السلالات المتباينة دوراً خطيراً في خلق فجوات خطيرة بين البشر ووقفت حائلاً بين الإمتزاج بين الشعوب. كما جعلت أجناساً بعينها خارج الأنساق العامة للتاريخ. فهناك مثل شعبي شائع بين أهالي النوبة مخزاه أن إلقاء الفتاة النوبية للتمساح “الموت” أفضل بكثير من زواجها من الفلاح. [المختلف من حيث السلالة]. كما كانت مشكلة اللونين الأبيض والأسود سبباً في أسوأ الكوارث البشرية التي تعرض لها البشر على الإطلاق وهي اختطاف وتهجير ملايين الأفارقة وتسخيرهم للعمل كعبيد في أراضي أمريكا الشاسعة. ومازالت أفريقيا تعاني حتى الآن من مشاكل العنصرية. ويرى جمال حمدان أن اختلاف السلالات البشرية كان أحد عوامل تأخر الوحدة الألمانية حيث تحركت [الموجات البشرية من هجرات وغزوات جيئة وذهاباً ذات اليمين وذات الشمال..... ذلك المد والجزر التاريخي بين السلاف في الشرق والتيوتون في الغرب والذي وصل بالسلاف حتى منطقة برلين وبالتيوتون حتى نهر الفولجا وقد كانت النتيجة تداخلاً شنيعاً في التوزيعات الأثنولوجية ظهر في شكل أقليات عديدة في التخوم والأطراف تنتشر كالجزر في كل شرق أوربا]. كما اعتبرت الهجرات الأوروبية نفسها جنساً واحداً يعمل على إبادة الهندي الأحمر الذي تحول إلى [شبح أو أسطورة أو على الأكثر إلى عينات متخفية لأجناس بائدة لا يحتفل بها إلا الأنثروجولوجيون وهواة الحفريات البشرية] وحدثت إبادة مماثلة في استراليا وإن اختلف الأمر في أمريكا الجنوبية التي تحولت إلى بوتقة تنصهر فيها أجناس مختلفة. ولكن وعلى أي حال كان الصراع بين أوربا والعالم [صراع أجناس أساساً، أي كان حركة عنصرية ضخمة، انتهت بإبادة أجناس برمتها].
وربما كفتنا نظرة سريعة على التاريخ البشري لكي نعرف أن الكثير من المجموعات العرقية إنكفأت على ذاتها وأصدرت من برجها العاجي أحكاماً جزافية على من جاورها من مجموعات عرقية أخرى. بل والأغرب، أن هناك العديد من النظريات ـ التي حاول أصحابها إضفاء صبغة علمية عليها و ادعاء الحيادية ـ تدعم مثل هذه المقولات.
وهكذا صارت النزعة العرقية سداً منيعاً يحول بين تواصل الشعوب بل والأخطر من هذا صارت دافعاً قوياً للعدوان على الغير الذي يلوذ بإطاره العرقي خوفاً من الإبادة، ويتحول إلى أقلية متحفزة للدفاع عن نفسها بل و المبادرة بالعدوان طلباً للحماية وحفاظاً على الهوية العرقية. وهكذا تبدأ حلقة لا تنتهي من الصراعات الدموية العنيف، وتصير مشاكل الأقليات العرقية قنابل موقوتة على وشك الانفجار.
View the Original article
0 comments:
Post a Comment