إن الأمة تواجه اليوم تياراً جارفاً، وغزواً مكثفاً يستهدف اقتلاع كل ما من شأنه ربط الناس بالإسلام، وما يمت للدين بصلة من قريب أو بعيد في وقت تواجه المنابر الإسلامية جفافاً ومحاصرة هي الأخرى، فتبقى هذه المنابر وهذه القنوات أداة مهمة للمصلحين للتصحيح، وبناءِ الجيل البناءَ الشرعي.
ويمكن أن نطرح أمثلة عاجلة على بعض المفاهيم والتصورات والتي نرى أن يعنى المدرس ببنائها البناء الشرعي، وتصحيحها لدى تلامذته.
أ – شمولية الشريعة الإسلامية وأنها جاءت لتحكم سائر حياة الناس، وليست قاصرة على جانب واحد من الجوانب.
ويمكن أن يتم ذلك من خلال بيان كثير من المواقف المخالفة لما هو مستقر لدى الناس من أسس الشريعة في جوانب مختلفة من الحياة (الاجتماعية، الاقتصادية، التربوية…) ، ومن خلال بيان الموقف الشرعي في كثير من هذه المواقف، ومن خلال الحديث عن سعي العلمانيين المكثف إلى حصر الإسلام في زوايا ضيقة.
ب – التثبت والتبين في الأخبار والشائعات إذ هي تؤثر كثيراً في حياة المسلمين، فيحكمون على الناس والمؤسسات من خلال ما يسمعونه من إشاعات ربما كان وراءها أعداؤهم، وكثيراً ما يستغل ذلك الأعداء في تشويه صورة رجال الصحوة ومؤسساتها.
ويستطيع المدرس تأصيل هذا المفهوم من خلال الحديث عن أهمية التثبت في الأخبار، ومن خلال عرض نماذج من الشائعات الباطلة التي تروج عند الناس فيقبلونها، ومن خلال الحديث عن ضوابط من تقبل روايته وخبره…
ج – الولاء للإسلام وقضيته مهما كان تدين المرء؛ إذ ساد مفهوم خاطئ عند الناس هذا العصر، وهو أن المرء حين يكون مقصراً أو مذنباً فذلك يعني أن يعفى من المسؤولية في التفاعل مع القضايا الإسلامية.
ويمكن تأصيل هذا المفهوم بأن يبيِّن المدرس لتلامذته أن الأصل في المرء أنه مسلم مهما كان مقصراً، وأن تقصيره وإن أنزل رتبته إلا أنه لا يمكن أن يعفيه من شيء من الواجبات الشرعية كهذا الواجب، ومن خلال عرض نماذج من التاريخ الإسلامي ساهم فيها أمثال هؤلاء في نصرة قضية الدين، ومن خلال عرض نماذج من التآمر على المسلمين مما يثير العاطفة تجاه قضيتهم ونصرتهم، وبيان تآمر الأعداء واشتراكهم في ذلك وإن لم يكونوا متدينين أو ملتزمين بمذاهبهم، ومن خلال اقتراح برامج ووسائل محددة يمكن أن يشارك فيها هؤلاء…
أحدهم وهو شاب غير متدين كان في مجلس قال فيه أحد الحاضرين كلمة فيها سخرية بالدين فانتهره وأنكر عليه، وبعد افتراق مجلسهم سأله أحد الحاضرين عن سر هذا الشعور مع ما هو عليه، فأعاد ذلك إلى كلمة سمعها من أحد مدرسيه يتحدث فيها عن الدفاع عن الدين ولو كان المرء فاسقاً.
هذه نماذج ذكرتها على سبيل المثال لا الحصر لعل بها يتضح المقصود مما أردناه من ضرورة التركيز على بناء المفاهيم والتصورات الشرعية.
ومما ينبغي أن يعلم هنا أن بناء المفاهيم يحتاج لوقت وطول نفس، وتنويع في الأساليب والوسائل، وأنه لا يمكن أن يتم من خلال الأوامر التي توجه مباشرة.
ومع ذلك كله يبقى اعتراضنا على النماذج والرؤى السابقة منحصراً على مجرد اعتبارها وحدها منطلقاً للتوجيه، وتبقى سائر الأساليب مطلوبة ينبغي أن يسعى إليها جميعاً.
View the Original article
0 comments:
Post a Comment