يظن كثير من المتابعين للشأن السياسي المصري حاليا أن الصراع الدائر سببه صراع علي السلطة بين جماعة الاخوان المسلمين التي خرج منها رئيس الجمهورية المنتخب الدكتور محمد مرسي وبين مجموعة المعارضة الوطنية التي اجتمعت في ديسمبر الماضي في تشكيل اسموه بجبهة الانقاذ الوطني والتي تضم في تشكيلها الاساسي عدد من قادة المعارضة المشاهير مثل الدكتور محمد البرادعي رئيس حزب الدستور الليبرالي ، وحمدين صباحي المرشح السابق لرئاسة الجمهورية ورئيس التيار الشعبي المشكل من عدد من الاحزاب اليسارية والناصرية والاشتراكية ، والدبلوماسي السابق عمرو موسي رئيس حزب المؤتمر المدني ، والدكتور السيد البدوي رئيس حزب الوفد الليبرالي العريق.
والمدقق في قراءة المشهد السياسي المصري يجد ان الصراع الدائر في الشارع حاليا خارج عن سيطرة جبهة الانقاذ ومفارقا لها تماما، بل من الامور التي يعتقد فيها مكتب ارشاد الاخوان المسلمين ان جبهة الانقاذ جبهة افلاس سياسي وليس لها ارضية شعبية ولا جماهيرية عند عموم الشعب المصري وبالتالي فهم غير مؤثرين ولا يستطيعون تحريك جموع فيها ألاف الشباب طبقا للمنطق الذي يتحدث به اعضاء جماعة الاخوان المسلمين. ويصبح نوعا من العبث والسخف ان يتهم شخص مثل الدكتور البرادعي او حمدين صباحي انهم يمولون خروج المظاهرات المناهضة لحكم الاخوان المسلمين وللرئيس محمد مرسي ، فكيف تتدعي أنهم غير مؤثرين ولا يملكون أي تواجد مؤثر في القاعدة الشعبية ، ثم تتهمهم بأنهم يحرضون ويقودوا المظاهرات المليونية في ربع محافظات الجمهورية وفي كل انحائها. فالمنطق البسيط يقول أن هذا تناقض واضح جدا في موقف مكتب الارشاد وقادة جماعة الاخوان المسلمين.
أنا أري ان جماعة الاخوان تتهرب من مسئولية أعضاءها وتصرفات رئيس الجمهورية المنتمي بكل كيانه لأفكار ومبادئ الجماعة ولم يخرج عنها ولو للحظة عن الوضع المزري الذي تسير اليه مصر من تدهور شديد في كل الخدمات المحلية من كهرباء وصرف صحي وسولار ووقود للسيارات وغيرها، والاخطاء الفضائحية التي يرتكبها رئيس الجمهورية وحكومته الفاشلة من قرارات غير مدروسة ولم يتم استشارة الخبراء الاكفاء قبل صدورها، وقد كشفت احد المصادر الصحفية هذا الاسبوع معلومة كارثية مفادها ان الرئيس اصدر حوالي 463 قرار جمهوري سري وغير معلن، وقرارته العلنية كانت بمقدار ثلث هذا الرقم فقط ، وكل هذه القرارات تم اصدارها في غضون 8 شهور فقط منذ يوليو الماضي وحتي شهر فبراير 2013 م. لم يعلم أي فرد من افراد الشعب المصري شيئا عن هذه القرارات ولم نعلم حتي ما اسباب اتخاذ الرئيس لها وكيف تم تنفيذها وفي أي مكان والسؤال الاهم بكل تأكيد ما الذي يدفع رئيس جمهورية لم يكمل عامه الاول في منصبه بعد أن يصدر كل هذا العدد من القرارات الجمهورية السرية؟
خسارة جماعة الاخوان المسلمين في انتخابات اتحاد الطلاب في عدد كبير من جامعات مصر ، وخسارتهم المدوية في نقابة الصحفيين والصيادلة والمهندسين تعد مؤشر صريح وواضح لكل أصحاب العقل لمدي الخسارة الكبيرة وقدر الانخفاض الواضح لجماهيرية جماعة الاخوان في الشارع والمجتمع المصري. والاشارات تكتمل بأن التيار الذي يكتسح ويفوز في كل هذه الانتخابات هو التيار المدني الذي يتشكل من الاتجاه الليبرالي واليساري الاشتراكي واحزاب الوسط المدنية ، وتكتمل ايضا بأن الروح الجديدة والمختلفة التي ظهرت في الجامعات المصرية من تكتل شباب التيارات المدنية الثورية في قوائم موحدة ضد قائمة الاخوان وقائمة فلول النظام السابق سيكون لها المستقبل القريب وستحقق وتستكمل ثورتها التي كان الخامس والعشرين من يناير 2011 م مجرد نقطة البداية ، وعلي قادة الاخوان ان يدرسوا هذه الاشارات جيدا والا ستكون النتائج في المستقبل القريب كارثية وتشكل كابوسا فظيعا لأحلامهم التي ما كانت يوما بكل أسف أحلام وطن اسمه مصر.
View the Original article
0 comments:
Post a Comment