الوضع الحالى فى مصر

on Friday, September 6, 2013

كثيرا ممن يحللون الوضع الحالى فى مصر ينظرون الى ما يحدث نظرة جزئية من جانب واحد ويتبنون موقف معين يساندون فيه طرفا بعينه, وقليلا ما تجد من ينظر للقضية نظرة شمولية يحاول فيها دراسة الموقف من جميع الجوانب وإستيعاب جميع وجهات النظر وإتخاذ موقف محايد دون تبنى وجهة نظر معينة. يجب على الناس أن يفهموا أن لا أحد يملك الحق على طول الخط, فكلا الطرفين يؤخد منه ويرد عليه.  أنا لن أخوض فى الأحداث فما منا احد إلا ويعرف جيدا ما حدث فى مصر ومازال يحدث, وكلا يرى الأمر بنظرته الخاصة, لذا يجب على العقلاء فى مصر تبنى وجهة نظر محايدة ومعتدلة, فلا شك أن التطرف الفكرى يؤجج الفتنة فى مصر ويؤخد البلاد الى نفق مظل حالك لا نهاية له, فيجب علينا أن لا نتهم أحد بالخيانة والتامر, وأيضا أن لا نكفر أحد أو نتهمه بالفسق وعداء الدين, فكلا له إجتهاده, ولا يتسطيع أحد أن يشق قلوب الناس فيعلم ما فيها, ولا يعلم نوايا البشر سوى خالق البشر. فيجب علينا أن نستفيد مما يحدث فى مصر ونعى الدرس جيدا.

تكمن المشكلة الحقيقية فى الوضع المصرى الحالى فى إنقسام الشعب المصرى الى جبهتين متناحرتين يعادى كلاهما الأخر, فقد أصبح العداء بين المسلمين فى مصر على أشد ما يمكن أن يكون, إنقسم المسلمون الى قسمين, القسم الأول يتهم الثانى بالكفر والفسوق ومعاداة الدين, والثانى يتهم الأول بالإرهاب والعمالة للغرب والتطرف الدينى. هذه هى المشكلة الكبرى, فقد تحول الخلاف السياسى الى خلاف عقائدى تسبب فى إراقة  الكثير من الدماء الذاكية الطاهرة, وهذا شىء خطير, فحرمة دم المسلم عند الله سبحانه وتعالى أكبر من حرمة الكعبة. لكن هذه هى السياسة, فمن يدخل المعترك السياسى يكون عليه دائما أن يتنازل عن بعض ثوابته ومبادئه, وأن يلعب المبارة بقواعد السياسة, وللإسف فليست للسياسة قواعد وأصول ثابتة بل هى أساليب مطاطية ومتلونة يتبعها السياسيين كلا بطريقته لتحقيق ما يرمى اليه من أهداف.

يجب على المسلمين فى مصر أن يفهموا أن الأمة الإسلامية لن تنهض من جديد إلا اذا إتحدت وكانت يد واحدة وتجنبت الخلافات والفتن التى يعلم الله وحده خطورتها وما يمكن أن تؤؤل اليه. فقد إنقسم أبناء الوطن الواحد فى مصر بل وأبناء الدين الواحد وإقتتلوا وسفك بعضهم دماء بعض, وتمت إستباحة الحرمات, وتسللت الفتنة الى قلوب المسلمين فى مصر كما يتسلل اللصوص تحت أجنحة الظلام ليسرقوا أعز ما تملك. يجب أن يعلم المصريون أن الغرب ينظرون اليهم فيرى مسلمين يقتل بعضهم بعضا بكل قسوة ووحشية, فيرسخ هذا الصورة الموجودة عندهم أصلا من عنف المسلمين, وأن الدين الإسلامى دين يدعو الى العنف ورفض الأخر وإقصاء كل من هو مختلف. إن صورة الإسلام فى الغرب تهتز بمثل هذه الأحداث, وجهود مئات الدعاة المعتدلين اللذين يجبون مشارق الأرض ومغاربها تذهب سداء من جراء تصرفات المسلمين, وهذا لاينطبق على مصر وحدها ولكن على المسلمين فى جميع أنحاء العالم.

فعلى المسلمين أن يحملوا أمانة دينهم, ويحسبواعواقب تصرفاتهم قبل أن يفعلونها, وأن يزنوا الأمور بميزان الحق والعدل, فهناك من يدعى انتمائه للإسلام  إلا إن تصرفاته وأفعاله توحى بعكس ذلك, فالمسلم الحقيقى يجب أن تنعكس تعاليم الإسلام على سلوكه وأفعاله, وهذا للأسف غير موجود اليوم فى كثير من الذين ينتمون للإسلام!



View the
Original article

0 comments: