في مسألة تجسيد الرسل سينمائيا

on Sunday, March 3, 2013

في مسألة تجسيد الرسل سينمائيا

 ظهرت في الاونة الاخيرة بعض الاعمال الفنية والتي تجسد بعض الرسل او الصحابة والائمة الكبار وتتحدث عن سيرتهم ، وترصد هذه العهود وتؤرخها وتعرض هذه الاعمال للناس . وغالبا يزداد الجدال كل مرة يتم فيها الاعلان عن إحدى هذه الأعمال. والجدال لا يتوقف في هذا الصدد ، فالبعض يقدس حرية الابداع حتي لو وصلت الي هذا الحد ولا يروا أي داعي لمنع هذه الاعمال الفنية ، وعلي الجانب الاخر يري رجال الدين أن هذه الاعمال الفنية يجب وقفها فورا ومنع عرضها ولهم في ذلك اقوال كثيرة. ولكن بغض النظر عن هذا الجدال القائم فقد عرضت هذه الاعمال الفنية بالفعل واجتذبت الملايين من المشاهدين ، وطبقا للاحصائيات زادت المشاهدة أكثر بعد حدوث المواجهات الاعلامية والجدال الذي لا ينتهي بين رجال الدين ورجال الفكر والفن.

 كانت البداية بحكم السباق الحضاري في الغرب .حيث شاهدنا منذ فترة طويلة كم من الاعمال الفنية التي جسدت السيد المسيح وبعضها كان عملا جادا والبعض كان ساخرا لدرجة مخزية. وكان اخر الاعمال التي رصدت حياة المسيح عليه السلام من المنظور المسيحي هي الفيلم الشهير “الام المسيح” لمخرجه الاشهر “ميل جيبسون” ونال هذا الفيلم اثناء تصويره انتقادات حادة جدا من الدوائر الصهيونية لانتقاده اليهود بشكل علني واضح.

وعندما نأتي الي بلادنا العربية نجد ان اول المحاولات لكسر هذا الحاجز قام بها المخرج الراحل العبقري مصطفي العقاد. هذا المخرج السوري الكبير الذي قتل غدرا في حادث تفجير بالاردن منذ سنوات قليلة. وكان العمل الشهير “الرسالة” وقام فيه بتجسيد بعض شخصيات الصحابة مثل حمزة بن عبد المطلب وتم منع عرض هذا الفيلم لمدة 30 عاما في مصر وكان القرار من الازهر الشريف وانتشر الجدال حول امكانية عرض الفيلم او منعه سنوات طويلة. وحتي بعد السماح بعرضه ظل حبيس الادراج لفترة طويلة. وكان هذا العمل بمثابة الحجر الذي القوه في الماء الراكد.

 غابت عن الشاشات العربية بعد محاولة مصطفي العقاد بفيلمه “الرسالة” أي بوادر لمحاولة جديدة من الفنانيين العرب. حتي جاءت المحاولة هذه المرة من مشارق العالم العربي “ايران” والمسلسل الشهير “يوسف الصديق” .وفي هذا المسلسل الايراني تم تجسيد النبي يوسف واخواته والنبي يعقوب عليهم السلام. وحكي المسلسل القصة المذكورة في التوراة والقران ونال المسلسل نجاحا كبيرا في العالم العربي. ولكنه فجر الجدال مرة اخري فاعترض رجال الدين علي عرض هذا المسلسل ولكن كيف يستطيعون وقد انتشرت الفضائيات الخاصة والتي لن تستجيب لهذه النداءات وهي ليست تحت السيطرة الكاملة مثل الشاشات الحكومية. وبعد نجاح مسلسل “يوسف الصديق” فوجئ الناس في رمضان الحالي بعرض مسلسل عربي عن “عمر بن الخطاب” رضي الله عنه. ويخرج هذا العمل المخرج الشهير حاتم علي وهو متخصص في اخراج الاعمال التاريخية ويمتلك ادواته جيدا في اخراجها بالشكل المناسب. ولكن زادت حدة الجدال هذه المرة أكثر فالمسلسل يجسد فيه شخصيات الصحابة كلهم ابتداءا بأبو بكر الصديق وعمر وعثمان وعلي واعمام الرسول وباقي اصحابه. والجدال الدائر عن هذا المسلسل يراعي عرضه في وقت الازمات والثورات. ويخشي المعترضون من تأثيره طائفيا وعقائديا. وهناك أراء سطحية نوعا ما تخشي من أن يري الناس الممثل يقوم بدور يجسد فيه شخصية عمر ثم يجدوه في مسلسل اخر يجسد شخصية سوقية مثلا فيختلط ذلك علي الناس وهذا اراه امرا سطحيا جدا .

 بعد عرض هذه الاعمال الفنية ومع انتشار الفضائيات والفضاء الحر ، أصبحت القيود علي حرية الابداع اضعف من ان تقيد الفنانيين مرة اخري مثل ما كان يحدث في الماضي. ولذلك علينا جميعا ان نتعامل بشكل أوعي مع الواقع المعاصر ونقيم هذه التجارب تقييما جديا وننهي حالة الجدال ونحولها الي حالة نقاش وعصف ذهني لنري كيف نستخدم أدواتنا ومنها الفن والدراما والاعلام في تصحيح الافكار المغلوطة عن الاسلام مثلا. فقد يستطيع عمل فني مترجم فعل ما لا يفعله الاف الدعاة.

About the author



View the Original article

0 comments: