الاضطهاد المضاد

on Thursday, March 7, 2013

عندما بدأت تيارات اليسار السياسي في مصر ظهرت واستمدت القوة في فترة الستينات من القرن العشرين ودعمها القطب السوفيتي في وقتها والذي كان احد القوي العظمي في ذلك الوقت. قاد الرئيس السابق جمال عبد الناصر نظاما يساريا ولكن لم يسموه باليسار بل وضعوا الديكور المناسب للتقديم والاستساغة من جانب الشعب المصري الذي عاش سنوات تحت حكم ملكي رأسمالي وحكومات ليبرالية وفدية فهم معها الناس ان اليسار اعداء للدين والحرية وهم نتاج النظام الماركسي الشيوعي سئ السمعة. وكان الفاعلين في اتجاه تسويق الاشتراكية في ذلك الوقت الغريمين اللدوديين الاشتراكيين والاسلاميين وبالتحديد جماعة الاخوان المسلمين.

وبعد ان دانت السلطة لليسار الاشتراكي وتحكم جمال عبد الناصر في السلطة انقلب علي الاخوان المسلمين واتهمتهم السلطة بمحاولة الانقلاب علي الحكم والخيانة العظمي وصدر في حقهم احكام الاعدام والحبس المؤبد. كان هذا اعلانا رسميا بميلاد نظام دكتاتوري شمولي اشتراكي علي رأسه القيادة التي خرجت من عباءة الجيش وتنتمي له جمال عبد الناصر. واصبح من وقتها للجيش مكانة خاصة في ادارة العملية السياسية في مصر تحت اعلان شرعية يوليو 1952.

وعندما توفي ناصر وجاء الرئيس الراحل انور السادات بدأ فترته بنفس الاسلوب ولكن بذكاء ودهاء مرير. فقد افرج عن قادة الاخوان واخرجهم من السجون ، والتقي بمرشدهم السابق عمر التلمساني في قصر الرئاسة سرا وطلب منه ممارسة الاخوان للسياسة بكل حرية حتي داخل الجامعات والالتزام بالخطوط الحمراء المعروفة وهي الرئاسة. وطلب من جماعة الاخوان اجتذاب طلبة الجامعة اليهم لمقاومة نفوذ الشيوعيين وتشويه صورتهم بأنهم يمارسون الشذوذ وزنا المحارم، ويشربون الخمر ولا يعرفون اي احترام للدين والاخلاق. وكان هدف السادات وقتها السيطرة علي السلطة والاستقلال عن النفوذ الشيوعي وجماعات مراكز القوي التي تنتمي لنظام ناصر. وبعد ان تحقق ذلك فعلا مع تصدير صورة الرئيس المؤمن ، واستغلال الخطاب الديني في المساجد ووسائل الاعلام عاد السادات وانقلب علي الاسلاميين وحاصرهم وعادوا للسجون. وبعد ان دانت له السلطة وسار في عملية السلام مع اسرائيل تأمر عليه عدد من الجنود المنتمين للجماعة الاسلامية المنشقة عن جماعة الاخوان المسلمين وقتلوه في حادث المنصة الشهير في 1981 ميلادية.

وجاء بعده مبارك والذي تقول وثائق مسربة منشورة حاليا علي شبكة الانترنت انه كان تتوقع وكالة الاستخبارات الامريكية انه سينكل بالاسلاميين ويغلق عليهم كل السبل حتي لا يلاقي منهم ما لاقاه السادات. وبالفعل كان مبارك عند ظن المخابرات الامريكية وامتلأت السجون في فترة حكمه بكل طوائف الاسلاميين سواء اخوان او سلفيين او جهاديين، وشهدت فترة حكمه خاصة في التسعينيات من القرن العشرين ظهور مكثف لجماعات الارهاب والتي مارست العنف المبالغ فيه واعلنت تكفير الحكومة والشعب وفعلت مالا يحمد عقباه وتم التنكيل بهم واعدامهم.

كل هذا الظلم الذي عاناه الاسلاميين في عهود الرؤساء السابقين كان من الاجدي ان يخلق منهم هداة الي الحق لا طامعين في سلطة زائلة وهم شهدوا زوالها ممن سبقوهم. ولكن بكل اسف انطبق عليهم ما تقوله بديهيات علم النفس ان المضطهد لابد ان يخرج من عاهته النفسية باضطهاد مماثل يمارسه هو مالم يعالج. ولكن ماحدث ان الاسلاميين خرجوا في ايام وشهور من السجون وظلامها الي ساحات الحكم وقصوره. وهذه اعظم الفتن والتي تفتن اجل الرجال وتحولهم لطلاب دنيا وتنسيهم الفضل والحكمة وتذهب عقولهم بغير عودة. تأملوا ما تفعله السلطة التي تنتمي للاخوان المسلمين حاليا وتدعي حملها لمبادئ الشريعة الاسلامية كيف تضطهد المعارضين، وتنكل بهم، وكيف تستخدم ادوات الردع الامنية الظالمة في قتل الشباب وسحل البنات وحتي الاطفال والامهات بدون رحمة. كل هذا لا يدلك الا علي ان الاضطهاد لن يقابله الا ازدراء واستخفاف وسلطة الي زوال.

About the author



View the Original article

0 comments: