هل نحن راضين عن الدستور الجديد؟

on Friday, March 8, 2013

      قبل أيام تسلمت منشورا لحركة 20 فبراير، تعبر فيه عن رفضها للدستور الجديد، وكان أول ما أثار استغرابي، كتابته باللهجة الدارجة، وبطريقة عاطفية جد باردة لا تحرك قلبا ولا تلامس منطقا. وتبريرا لموقفهم، جاء في المنشور من بين ما جاء فيه أن الدستور تضمن مواثيق دولية لكن بما يتوافق مع الهوية المغربية ، و هذا شيء في نظرهم يجعل الدستور ممنوحا و مرفوضا.

      تساءلت في نفسي حينها ماذا يريد هؤلاء؟ كلنا طمحنا للتغيير وتحسين حياتنا كمواطنين، لكن هدفنا كان واضحا منذ البداية : دستور يمنح صلاحيات إضافية للشعب في اختياره الوزير الأول، وفي محاسبة المسؤولين ولصوص المال العام، و محاسبة الحكومة على برامجها، و لم يكن مطلبنا أبدا نسخ الدستور جملة و تفصيلا، كما يطمح هؤلاء الحاقدين على الثوابت المغربية إلى دستور مستورد من فرنسا أو جارة لها.

      حافظ الدستور الجديد على الإسلام كدين رسمي للدولة، وهو مطلب المغاربة في مقابل طموح هؤلاء إلى علمانية لا تناسب هويتنا الاسلامية، ولا ثقافتنا العربية، كما حافظ على اللغة العربية لغة رسمية و أضاف إليها الأمازيغية، وهذا مطلب المغاربة أيضا في مقابل هؤلاء الطامحين إلى ترسيم اللهجة الدارجة بديلا لهم، ورسخ مبدأ الملكية الذي وحد ويوحد الصف المغربي منذ قرون طويلة، وأقرّ الدستور مواثيق دولية مصادق عليها، لكن بما يتوافق والهوية المغربية، وهو ما يزعج هؤلاء الطامحين إلى انسلاخ تام عن هويتهم إن كانوا أصلا مغاربة لهم تاريخ يعترفون به. وأعطى الدستور الجديد صلاحيات جديدة هي في الأخير مكسب لكل المغاربة يجب الحفاظ عليه، في انتظار تنزيل الرؤية الجديدة واكتشاف مدى فعاليتها، وهل ستحتاج هي الأخرى إلى تعديل يبقى دائما حقا بيد المغاربة أجمعين.

      و بعيدا عن هذه الحركة التي لم تحمل شيئا جديدا للمغاربة -سوى تبسيط طموحات بعض التيارات التي كانت موجودة من قبل لكنها فاقدة للتأثير في المواطنين-، يبقى المواطن يتحمل مسؤولية جد ثقيلة في تعامله مع قضاياه الوطنية، لأنه ليس من المعقول أن يبيع مواطن صوته في الانتخابات بـ200 درهم  ليخرج بعد سنة ثائرا ضد الحكومة التي نهبت أمواله تحت نظر البرلمان! فقد رأينا كيف يحدث ذلك كثيرا في استهتار كبير بمصير المغرب لسنوات من تاريخه، و لطالما تكرر الموقف مرات بشكل كاريكاتوري يجعلك أحيانا تسأل:”هل مشكلتنا فعلا في الدستور؟ أم في جهل أغلبية المغاربة لمعنى الدستور أصلا، وجهل دوره في حياتنا اليومية؟” “هل نحن نحتاج لتغيير الدستور أم لتغيير طريقة تفكيرنا؟” “أين هم هؤلاء الناقمون على الوضع؟ لم لا نراهم يؤطرون المجتمع المدني، ولا نجدهم في المحاضرات الثقافية ولا الفكرية، ولا ينظمون لنا تظاهرات ثقافية أو فكرية أو فنية يمكنها أن تميل بفكر المغاربة إلى الأمام ولو بنسبة جزء من المليون؟ إن المهرجانات الخطابية الحزبية يحضرها أضعاف ما يحضر مهرجانا فنيا أو ثقافيا! كم من جمعية تعمل على أرض المدينة وتؤطر المواطن ليصبح أكثر إدراكا لواقعه؟ إن أغلب الأحزاب و هؤلاء المحتالين، يفضلون عقلية مغربية فارغة غير مؤطرة، لأن ذلك سيجعل استغلالهم لعاطفة المغاربة أسهل في الضغط على خصومهم، و سيجعل شراء الأصوات في الانتخابات أمرا أيسر من التصويت نفسه، لأنهم يعلمون أن أي عقل نَيِّرٍ سيتصدى لهم و لدعاواهم البدائية.

About the author

My name is HENEMI Hicham, I'm a from Algeria. I'm a freelancer who like writing and Blogging.
I wellcome you all to visit my blog.



View the Original article

0 comments: