وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ يَاْ أُولِيْ الأَلْبَابِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ

on Sunday, September 30, 2012

إن في القتل عدوان على النفس بغير حق للنوع الإنساني وإفساد للمجتمع وقضاء على عضو من أعضائه وإهدار لحق الحياة وهو أغلى شيء، و عليه شرع القصاص زجراً للناس، وجزاء على الاعتداء على النفس ، فهو من أعظم الخبايات بعد الشرك بالله لهذا كان القصاص ليكف الجاني وتسلم الحياة من العدوان. وصدق الله إذ يقول {وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ يَاْ أُولِيْ الأَلْبَابِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} (179) سورة البقرة وحين تحدث القرآن عن أول جريمة قتل على ظهر الأرض في قوله تعالى {وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ ابْنَيْ آدَمَ بِالْحَقِّ إِذْ قَرَّبَا قُرْبَانًا فَتُقُبِّلَ مِن أَحَدِهِمَا وَلَمْ يُتَقَبَّلْ مِنَ الآخَرِ قَالَ لَأَقْتُلَنَّكَ قَالَ إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ} (27) سورة المائدة، كشف عن طبيعة العدوان الكامنة في النفوس الشريرة والعدوان الصارخ منها وكشف عن الجريمة المنكرة التي تثير الضمير الإنساني والشعور الجارف الحار والحاجة الملحة إلى قصاص عادل يصون حق النفس.

فمن أجل هذه النماذج الشريرة والعدوان الصارخ على الأبرياء، كان قتل النفس الواحدة حين لا يكون قصاصاً ولا دفاعاً عنها، يمثل قتل جميع الناس لأنها واحدة من نفوس البشر جميعاً، تشترك هي وغيرها في حق الحياة وإن إبقاءها حية والدفاع عن حقها في الحياة أو بالقصاص، إذا اعتدى عليها يمثل إحياء النفوس جميعاً ففي صيانة حياتها صيانة لحق الحياة الذي يشترك فيه الناس جميعاً، ولذا قال الله تعالى تعقيباً على نبأ ابني آدم {مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ كَتَبْنَا عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنَّهُ مَن قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا } (32) سورة المائدة .

وقد بيِّن الله تعالى أن القصاص حياة وهذا هو وجه الحكمة فيه، فقال سبحانه {وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ يَاْ أُولِيْ الأَلْبَابِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} (179) سورة البقرة وذلك من وجهين كما يقول الدكتور أحمد عمر هاشم: الأول، أن فيه الحياة بطريقة الزجر، فإن الإنسان الذي يقصد قتل إنسان آخر إذا فكر في عاقبة أمره، وما يلحقه من جريمته، وأنه إذا قتله قتل به انزجر عن قتله فكان حياة لهما، والثاني: أن في القصاص دفعاً لسبب الإهلاك فإن القاتل بغير حق يصير حرباً لا هوادة فيها على أولياء القتيل لإحساسه بأنهم يلاحقونه لما ارتكبه فهو يخشى على نفسه منهم، فيقصد حربهم ويتمنى إفناءهم ليزيل شبح الخوف الذي يلاحقه ويتابعه والشرع قد مكنهم من قتله قصاصاً لدفع شره عن أنفسهم، لهذا شرع القصاص فكان فيه حياة بكل ما تتسع له معنى الحياة، حياة لمن تحدثه نفسه بالقتل فيكف عنه حين يعلم مصيره وفيه حياة لمن كان سيقع عليه القتل وفيه حياة للعائلات والأفراد والجماعات بسد باب الثأر والعدوان.. ففي القصاص شفاء لنفوس أهل القتيل من الحقد والرغبة في الثأر.

ويوضح رسول الله صلى الله عليه وسلم أن المؤمن هو الذي يأمنه الناس ولا يخافونه ولا يخونونه بل يأمنونه على دمائهم وأموالهم فيقول صلى الله عليه وسلم ( والمؤمن من أمنه الناس على دمائهم وأموالهم) رواه الترمذي والنسائي وابن ماجة. ولذلك وجب علينا اتباع كلام الخالق عز وجل ومن بعده اتباع خاتم النبيين والمرسلبن محمد صلى الله عليه وسلم، ففي عدم القتل تكون حياة المجتمعاتن وتطورها، وتحقيق الامن والأمان الذي يطمح إليه الكثيرون في هذه  الدنيا، بعد ان ساد القتل وأصبح عالم الجريمة هو المنتشر والمسيطر، فلا يوجد حل إلا اتباع كلام الله عز وجل وتطبيقه واتباع الهدي  النبوي الشريف.


Related Posts Plugin for WordPress, Blogger...

About the author



View the Original article

0 comments: